رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

عُطل في "الماكينات".. لماذا لن تفوز ألمانيا بكأس العالم؟

الكابتن

يؤمن غالبية مشجعي كرة القدم حول العالم، أن المنتخب الألمانى يقف إلى جوار نظيره البرازيلى على مسافة واحدة من الفوز بكأس العالم، وأن كليهما المرشح الأول لحصد اللقب، لكني أرى -وربما لا يجد طرحى رضا كثيرين- أن أقصى ما يُمكن للألمان تحقيقه هو الوصول إلى ثمن النهائي، وربما تحضر المفاجآة   قبلها .

لماذا قد يٌعانى الألمان فى هذه النسخة من كأس العالم؟ كيف يلعب مديرهم الفني يواكيم لوف؟ وما المشكلات التى قد تؤدي إلى خسارة اللقب؟

 

1-الاعتماد على طريقة "انتحارية


قبل كأس العالم 2014، كانت ألمانيا طوال عمرها صاحبة منتخب قوي يذهب للأدوار البعيدة في منافسات دولية، لكنه أبدًا لم يكن ممتعاً، بل فريق يعتمد على القوة البدنية، والجوانب التكتكية التى تخلق دفاعات صلبة ويسجل من أنصاف وأرباع الفرص.

مع وصول الإسبانى بيب جوارديولا، إلى قيادة بايرن ميونخ الألمانى، تبدل الحال وتغيرت الأوضاع، وصارت ألمانيا تنتهج مدرسة كروية جديدة تُعد نسخة مقاربة تمامًا لتلك النسخة التي ظهرت عليها إسبانيا منذ "يورو 2008"، حيث الكرة الشاملة، والاستحواذ والضغط في كل مناطق الملعب وحصار الخصم في ملعبه، فأصبح للألمان شكل آخر  وصرنا أمام برازيل أو إسبانيا جديدة، بقيادة "يواكيم لوف".

 

نجح "لوف" في بناء مدرسة ألمانية جديدة، صارت وحشًا يخشاه كل الخصوم، يصعب على أي فريق بالعالم خطف الاستحواذ أو تبادل السيطرة على الكرة معه، لكنه ومع التطور الهجومي الهائل والسعى الدائم إلى ابتكار حلولًا هجومية أكثر فعالية لتطوير عملية الاستحواذ، ظهرت على السطح وفي الجولات الأخيرة مخاطر كثيرة تُهدد فرص الفريق في الذهاب بعيدًا اذا اصطدم بخصم منظم.

 

أولى المشاكل وأكبرها هي اعتماد الفريق على أسلوب لعب لن نجد وصف له أدق من "انتحاري".. نعم ما يفعله "لوف" هو "انتحار"  إذا وجد خصمًا يستطيع تدوير الكرة وتبادل الاستحواذ.. لماذا؟

 

لأن المدرب يعتمد على دفاع متقدم به عوار كبير، فيتواجد قلبا الدفاع وآخر خطوط اللعب "هوميلز" و"بواتيج" بشكل دائم في منتصف ملعب الخصم، وتكون المسافة الفاصلة بينهما والخط الأول في الهجوم أقل من 30 متراً، وهي المسافة ما بين دائرة الارتكاز ومنطقة جزاء الخصم.

 

هنا تبرز أزمة كبيرة لدى الفريق المندفع بشكل مبالغ فيه، إذ تُتاح للخصوم مساحات شاسعة يمكن استغلالها في وجود جناحين سريعين، وبالاعتماد علي إرسال كرات طولية عكسية أو قطرية قد تجد الخصم منفردًا بالمرمى مرات كثيرًا.

 

ثانى العوامل التى تجعل الفريق مُحاطًا بالأخطار هي وجود مشاكل فى عملية التحضير عند البطيئين "بواتينج" و"هوميلز"، خاصة مع دخول الظهيرين جوناس هيكتور، وجوشوا كيميتش، في قلب الملعب أوقات كثيرة، وتبادل الأدوار مع لاعبي الوسط والجناحين، وهذه العملية تؤدى إلى فقدان الفريق للكرة في مناطق الخطورة أكثر من مرة.

 

انتهاج الفريق الألمانى لهذه الفلسفة الدفاعية الانتحارية يجعل فرص هزيمته أمام خصم منظم دفاعيًا ويعتمد على المرتدات، أو فريق قادر على تبادل الاستحواذ وتدوير الكرة، كبيرة جدًا، خاصة وأن قلبي الدفاع بطيئين، والظهيرين كثيرا الخروج للمناطق الأمامية، فهل يعدل لوف عن الاستراتيجية الدفاعية أم يُصر على رهان الانتحار ؟

 

2- بطء الجناحين يفسد تميز كتيبة الهجوم.. وصعوبات بالغة في مواجهة التكتلات 

هجوميًا، المتعة الكروية مضمونة فى حضور هذه النسخة الألمانية، فالفريق يمتلك كتيبة "حريفة" تُمكن المدرب من الاعتماد على فلسفة امتلاك الكرة طوال الوقت، وخلق حالة من اللامركزية في الثلث الأخير بتبادل الأدوار بين الخطوط.

 

يُراهن "لوف" دائمًا على "كيميتش" و"هيكتور" في دخول مناطق الخطورة عندما يترك الجناحين مسعود أوزيل ودراكسلر الخطوط لهما، وهذا حدث مع البايرن كثيرًا  طوال الموسم المنقضي.

 

وشاهد الجميع كيف كان "كيميتش"، الظهير الأيمن للعملاق البافارى، أقوى ركائز الفريق الألمانى، وهو ما يسعى "لوف" دائمًا لاستغلاله، خاصة في وجود أكثر من عنصر يتفهمون هذه الفلسفة.

 

كما يراهن المدرب الألماني علي اللعب في "المساحات الميتة" بين خطوط لعب الخصوم، ويستغل أن جميع لاعبي خط الهجوم "سحرة" أو على أقل تقدير مهرة من الطراز الرفيع، قيُجيد رباعية الخط الأمامي "مولر، أوزيل، دراكسلر، فيرنر" التمركز في "المساحات الميتة" ما بين ظهير وقلب دفاع الخصم، في وقت يكون فيه الظهيرين "كيمتش، وهيكتور" متقدمين لخلق الكثافة العددية المطلوبة.

 

تمريرات كثيرة، وتحركات لا تتوقف لحظة، وأدوار تتبدل في طريقة مرنة يعجز الخصوم على مواجهتها، هكذا يهاجم الفريق الألمانى، لكنه يُعانى كثيرًا عندما يدافع الخصم بكثافة كبيرة وبتركيز شديد، وأمام مدرب ذكي، وهنا تبرز مشكلة غياب التنوع الهجومي.

 

فى وجود أوزيل على طرف الملعب، فإنك أمام جناح غير سريع يجيد امتلاك الكرة، وتطويرها إذا وجد مساحة، لكن إذا طلبت منه سباق بدني والدخول في صراع السرعة على الطرف بدلًا من اللعب القصير في العمق فإنك ستعانى ولن تجد من يؤدي ذلك الدور.

 

الجناح الآخر "دراكسلر" ليس في أفضل حالاته أيضا، فهو عانى توقف نموه وتطوره منذ وصول نيمار داسيلفا إلى باريس سان جيرمان إلى رفقة كليان مبابي.

 

كما أن لفلسفة "لوف" الهجومية أضرار كثيرة تعود على الدفاع، أبرزها أنه لم يتمكن إلى الآن منذ توليه الفريق الألماني خلق شخصية متزنة، فهو إما أن يُهاجم بشراسة وتتولد المساحات والأزمة الدفاعية، وعندما يفكر في التأمين فإنه يعود للخلف بكل قوته ويتمركز الرباعى الخلفي فى الثلث الأخير ويضطر لعودة ثنائي الارتكاز سامي خضيرة وتوني كروس أمام الخط الخلفي بصورة مبالغ فيها، أي أنه لم يستطع تحقيق المعادلة بين هذا وذاك بعد.

 

كما أن الفريق يعانى بسبب عدم تواجد خضيرة وكروس في مركز ليبرو الوسط طوال الموسم مع أنديتهما، فالثنائي دائمًا ما يميل إلى دور صناعة اللعب وخلق فرص التهديف، بينما يقل تواجدهما أمام قلبى الدفاع.

 

 

3- انطلاقة مضمونة.. محطة الـ16 "مهمة سهلة".. وإنجلترا وإسبانيا في الانتظار:


ماذا ينتظر الفريق الألماني نحو اللقب؟

يلعب الفريق فى مجموعة سهلة نسبيًا، لذا فأن صعود "الماكينات" في الصدارة، ربما يكون أمر منتهى في وجود منتخبات المكسيك والسويد وكوريا.

 

ربما تعانى ألمانيا بعض الشئ أمام السويد الفريق الذى يدافع بشكل منتظم ويغلق المساحات جيدًا، لكنها في النهاية قادرة علي الفوز وتحقيق العلامة الكاملة أو الصعود بـ7 نقاط على أقل تقدير.

 

فى الدور التالى أي محطة الـ16 ستكون المهمة أسهل عندما تلتقى بثاني المجموعة الرابعة التى تضم البرازيل وسويسرا، وكوستاريكا، وصربيا، وأمر مؤكد أن البرازيل ستصعد في صدارة تلك المجموعة، ليواجه المنتخب الألمانى واحد من الثلاثة منتخبات الأخرى، وجميعها ضعيفة جدًا مقارنة بـ "أحفاد هتلر".

 

البطولة الحقيقة للألمان ستبدأ في الدور الثالث "الثمانية"، ولسوء حظها أن في انتظارها واحد من المنتخبين البلجيكي أو الإنجليزي، فهو الخصم المحتمل في طريق الألمان بهذه الدور إلا إذا كانت هناك مفاجآت.. لكن لماذا بلجيكا  وإنجلترا حظ سيئ للألمان؟

 

لأن طريقة لعبهما هجوميًا مشابهة للألمان خاصة بلجيكا، التي تمتلك أدوات في الثلث الأخير ربما تكون أكثر فعالية، ولدى الفريق قدرة رهيبة على التحول واللعب القطرى الذي يعانى منه الفريق.

 

في المجموعة السابعة، يلعب المنتخب البلجيكي مع الإنجليزي وكلاهما سيصعد، لكن صاحب المركز الثانى فيهما سيتلقي بواحد من "اليابان، السنغال، بولندا، وكولومبيا"، والفائز منهما هو من سيصطدم بألمانيا، وهنا ربما تكون فرص مواجهة إنجلترا هي الأقرب، حيث تذهب كل الترشيحات لصعود بلجيكا متصدر وإنجلترا في المركز الثاني، لكن المنتخب الإنجليزي صار مرعبًا وقويًا في الأونة الأخيرة.

 

بعد تخطى محطة بلجيكا، ستصل ألمانيا في الدور قبل النهائى إلى مباراة نهائية حيث في انتظارها واحد من منتخبى الأرجنتين وإسبانيا، فإذا صعد كلا المنتخبين الأخيرين في صدارة مجموعاتهما، سيصطدما ببعض في الدور ربع النهائي، والفائز منهما سيواجه ألمانيا بقبل النهائي في أم المعارك.

لمطالعة الحلقة الأولى من "هنا موسكو.. كيف يلعب المرشحون للفوز بالمونديال" من هنا