رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

المجموعة الثانية.. كيف تخطف المغرب بطاقة التأهل من البرتغال؟

الكابتن

فى المجموعة الثانية ببطولة كأس العالم، كانت القرعة قاسية على المنتخب المغربى الشقيق، بوقوعه مع إسبانيا، بطل العالم فى النسخة قبل الماضية، والبرتغال بطل ‏نسخة «اليورو» الأخيرة، فى حين جاء فى التصنيف الرابع للمجموعة المنتخب الإيرانى. ‏
‏«الكابتن» يرصد فى السطور التالية حظوظ المغرب وسط هذه المجموعة المعقدة، وكيف يمكنه تحقيق المفاجآة بخطف إحدى البطاقتين من إسبانيا والبرتغال.‏

إسبانيا.. ظهيرا جنب بسرعات صاروخية.. صناع لعب مبدعون فى العمق.. والرهان على ‏الشباب فى تبديل النتائج

يدخل المنتخب الإسبانى هذه النسخة المونديالية بشكل مغاير عما كان عليه الوضع فى البطولة الأخيرة بالبرازيل، فالجيل الذى خاض معركة ريو دى جانيرو تبدل ٨٠٪ من قوامه الأساسى مع ‏جولين لوبيتجى، المدير الفنى، الذى اعتمد على تصعيد اللاعبين الشباب الذين تدربوا على يده فى منتخبات ناشئى وشباب إسبانيا من قبل.‏

مع «لوبيتجى» تغيرت الأحوال، ونجحت عملية الهيكلة واستبدال القوام، وتمكن المدرب من إجراء عملية دمج بين بقايا الجيل المخضرم مثل إنييستا وديفيد سيلفا وألبا، والعناصر الشابة الصاعدة ‏بقوة مثل أسينسو، ومورينيو، وفاسيكيز، وكوكى.‏

الفريق الإسبانى وفق ما يمتلكه فى قائمته هو فريق مرعب، وتزداد قوته بمرونة وذكاء مدربه الذى يستطيع التحول من طريقة لعب إلى أخرى، ويُبدع فى استغلال وتوظيف عناصر للتخديم على ‏الشكل الخططى الذى يريده.‏

تستطيع أن تقول بقلب مطمئن، إن إسبانيا منتخب يخوض منافسات المونديال الحالى بلا أزمات فنية أو بدنية، لدرجة أنه استبعد من القائمة أسماء بحجم ماركوس ألونسو، وألفارو موراتا، وفابريجاس ‏لاعبى تشيلسى، وسيرجو روبيرتو، لاعب برشلونة.‏

يعد أيضًا المنتخب الإسبانى واحدًا بين منتخبات قليلة قادرة على حصد العلامة الكاملة فى مجموعته والتربع على الصدارة بـ٩ نقاط، فيما قد يواجه صعوبات فى افتتاح مبارياته أمام البرتغال العنيد ‏دفاعيًا، لكن الفريق لديه من المرونة والحلول الهجومية ما يمكنه من التفوق على بطل النسخة الأخيرة من «اليورو».‏

منتخب إسبانيا يتميز بامتلاكه ظهيرى جانب هجوميين بسرعات صاروخية وإمكانيات خرافية، فى وجود ألبا يسارًا وكارفخال يمينًا، ولديه فى عمق الملعب حلول مبدعة عند إنييستا وألكانتار وديفيد ‏سيلفا، فثلاثتهم بين أفضل ١٠ صناع لعب فى العالم.‏

لذا، هو فريق متنوع يجيد الاختراق من العمق ويستطيع اللعب على الأطراف، كما أن لديه لاعبين شُبانًا وحلولًا بديلة، مثل أسيسنو وفاسكيز، القادرين على تبديل نتائج المباريات كما يفعلان مع ‏مدريد.‏

البرتغال.. اعتماد على صلابة دفاعية.. ورونالدو يملك الثلث الأخير من الملعب

بعد تتويجه بلقب «اليورو» الأخير، كانت هناك حالة إجماع على أن منتخب البرتغال لم يقدم ما يستحق عليه اللقب، ووصفت الصحافة الأوروبية طريقة المدير الفنى لـ«برازيل أوروبا»، فيرناندو سانتوس، ‏بـ«البراجماتية»، التى اتبع خلالها سياسة تحقيق المكسب بأى طريقة، دون البحث عن شكل جمالى أو أداء ممتع.‏

هل تصلح السياسة ذاتها لمعركة المونديال؟

تكرارها صعب، فالمستويات التى يصطدم بها الفريق البرتغالى نحو اللقب ستكون أصعب بكثير من الخصوم الذين صادفهم فى مشوار اللقب الأوروبى الذى تُوج به.‏

سيكون طريق المونديال ملبدًا بالغيوم والألغام، بدءًا من الدور الأول أمام إسبانيا، وأوروجواى فى الدور الثانى، ثم فرنسا فى دور الثمانية، أى أن الوصول فقط لمربع الذهب يحتاج للعبور من محطات ‏صعبة للغاية لم تكن موجودة فى «اليورو».‏

يعتمد الفريق البرتغالى على صلابة دفاعية، وكثافة عددية، ويكون الوصول إلى مرماه أمرا صعبا ومعقدا للغاية بسبب انتهاجه طريقة «٤/٥/١»، ويراهن المدرب على نجمه كريستيانو رونالدو فى ‏صناعة الفارق بالثلث الأخير من الملعب، عبر المرتدات والكرات العرضية.‏

يسعى البرتغال للخروج من مباراة الافتتاح بأقل الخسائر، ويُمنى النفس بتعادل مع نظيره الإسبانى، فهو يأمل فى أن يظفر بالبطاقة الثانية خلف «الماتادور»، ولا يطمع فى أكثر من ذلك، لكن خسارته ‏مباراة الافتتاح قد تقلل من فرصه وتزيد حوافز ودوافع المنتخب المغربى.‏

المغرب.. المفاجأة واردة بقوة.. وتعادل المنافسين أمل كبير

على الورق، البرتغال سترافق إسبانيا إلى الدور الثانى فى هذه المجموعة، لكن المتابع الجيد لـ«هيرفى رينارد»، المدير الفنى الفرنسى للمنتخب المغربى، يعرف أن «أسود الأطلس» بين ٣ ‏منتخبات مرشحة لتحقيق المفاجأة بالبطولة والظهور فى ثوب الحصان الأسود. ‏

‏«رينارد» نجح فى أن يجعل المغرب المنتخب الإفريقى الوحيد الذى يلعب الكرة الشاملة، ويقدم نموذجًا للحداثة الخططية والتكتيكية، وتمكن خلال أكثر من عامين، من تطبيق طرق لعب جعلت ‏المغرب منتخبًا أوروبيًا فى القارة الإفريقية. ‏

ينتهج منتخب المغرب طريقة لعب تقوم على تنويع عمليات الضغط واستخلاص الكرة من الخصوم، فهو فريق يعرف تطبيق كل أشكال الضغط بشكل يماثل الطريقة التى يلعب بها الألمانى ‏يورجن كلوب مع فريقه ليفربول الإنجليزى.‏

يعرف «رينارد» ممارسة الضغط العالى على الخصوم واستقطاع الكرات بمناطق مهمة، ويستغل القوة البدنية الكبيرة والمهارة الفردية العالية عند لاعبى الوسط حمزة منديل ويونس بلهندة وكريم ‏الأحمدى وسفيان المرابط، ومبارك بوسفيا، وحكيم زياش. ‏

تتميز هذه المجموعة من اللاعبين بامتلاكها قدرات فردية عالية فيما يتعلق بالحلول الفردية والمراوغة والقدرة على امتلاك الكرة، لذلك المغرب فريق يُجيد الاستحواذ والسيطرة على الكرة بخلاف ‏الفريق المصرى، ويستطيع أن يبادر بالهجوم ومباغتة فريق دفاعى مثل البرتغال، الذى لن يكون «مرعبًا» بالنسبة له ويستطيع أن يحقق المفاجأة أمامه. ‏

كما يمتلك «رينارد» مهاجمين من طراز رفيع مثل خالد بوطيب، وأيوب الكعبى، ويوسف النصيرى، ونور الدين المرابط، وهم لاعبون يستطيعون خلق المساحات وكسب الصراعات الثنائية بشكل ‏أفضل مما يقوم به وليد أزارو، مهاجم الأهلى، وأشرف بن شرقى، مهاجم الهلال السعودى. ‏

سيكون المغرب قريبًا من التأهل فى حالة استغل البداية السهلة أمام أضعف خصوم المجموعة المنتخب الإيرانى ونجح فى الفوز، وربما يتحقق ذلك بعدد وافر من الأهداف، يجعله يخوض الجولة ‏الثانية أمام البرتغال من أجل التعادل فقط.‏

بعد حصد النقاط الثلاث الأولى، سيأتى البرتغال بنسبة كبيرة خاسرة من إسبانيا، وستلعب من أجل الفوز فقط، وهذا الأمر قد يعطى للاعبى المغرب المساحات المطلوبة التى يمكن استغلالها عبر ‏لاعبين مهرة، وما أكثرهم فى تشكيلة «الأسود»، لذلك ستكون الفرص كبيرة لصعود المغرب كأول فريق عربى يعبر للدور الثانى.‏

إيران.. ضيف شرف كالعادة.. والأمل فقط فى الظهور المشرف

يُعد المنتخب الإيرانى أقل فرق المجموعة حظوظًا فى الصعود، ولا يأمل سوى فى ظهور مشرف كعادته فى المونديالات الأخيرة، فهو فريق يحضر دون أن يترك أى بصمات تُذكر.‏

ورغم أنه غير مرشح لتقديم أى مفاجآت، إلا أن الجميع هناك يطمح لتقديم نتيجة جيدة أمام المغرب فى افتتاح البطولة، واستغلال تقارب التصنيف والتاريخ بين الفريقين، لكن الجوانب الفنية والخططية ‏تقول إن ثمة فوارق كبيرة بين الفريقين. يعتمد الفريق الإيرانى على اللعب بشكل متوازن، ويسعى لتضييق المساحات فى منتصف ملعبه بالكثافة العددية، ولا يبحث عن الخروج لاستقطاع الكرات من الأمام، ‏وهو ما قد يصعب مهمة المغرب فى انطلاقة البطولة.‏

ويراهن الفريق الإيرانى على الهجوم المرتد واستغلال سرعات لاعبى الوسط، وربما يمثل ذلك خطرًا على الفريق المغربى الذى من المؤكد سيمارس الضغط المتقدم على إيران من البدايات، ما سيخلف ‏مساحات فى المناطق الخلفية.‏

ربما تكون شهادة ميلاد جديدة لإيران فى المونديال، لكن الواقع والمنطق يقولان إن الفريق الإيرانى سيذهب ليكون ضيف شرف والمركز الأخير بالمجموعة.‏