رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحصان الأشقر.. كيف أحرق دي بروين نيمار؟

الكابتن

نجح المنتخب البلجيكي فى الإطاحة بنظيره البرازيلى من الدور ربع النهائي للمونديال بنتيجة هدفين مقابل هدف وحيد، في مباراة هى الأفضل والأمتع في بطولة روسيا 2018.

لم تكن نتيجة المباراة وحدها هي المفاجئة، بل كانت طريقة اللعب التى اعتمد عليها الإسبانى العبقرى روبيرتو مارتينيز، مدرب بلجيكا، بمثابة العمل الكبير الذى أبهر العالم وتوقف أمامه الكثيرون.
توظيف المدرب لكيفين دي بروين صانع ألعاب مانشستر سيتى، كان بمثابة القنبلة التى غيرت الشكل الهجومي للفريق تمامًا، ما أظهر الحلول والفعالية الهجومية عبر سبل جديدة، لم تكن موجودة طوال مشوار الفريق في البطولة.
الإسبانى راهن على عنصر المفاجأة ومباغتة الخصم بطريقة لم يكن أى شخص في العالم يتوقعها، عندما اعتمد علي لوكاكو في مركز الجهة اليمنى وهازاد بالجهة اليسرى، وبينهم دي بروين كصانع ألعاب تارة ومهاجم تارة أخرى، فنجح عبر تلك الطريقة في تحقيق مكاسب عديدة.
أول المكاسب التي حققها المدرب البلجيكي تتمثل في تحقيق الزيادة العددية في الوسط، وحرمان الفريق البرازيلي من خطورته بالعمق، عندما أقحم ناصر الشاذلى ومروان فيلاني أمام فيستل لأول مرة منذ توليه المهمة، فكلف هذا الثنائي بمراقبة باولينيو وكوتينيو، وضيق العمق أمامهما.

 في هذه اللحظة، كان لـ"دي بروين" دور دفاعي جديد هو الأبرز في الفريق، عندما كلفه بشل حركة الفريق البرازيلي وقتل محور ارتكازه فيرناندينهو، فكانت رقابة دي بروين اللصيقة له سر إفساد البناء السليم من الأسفل للفريق البرازيلي.
دي بروين لعب أيضا واحدًا من أهم الأدوار عند قيامه بحرمان محور الارتكاز البرازيلي «فيرناندينهو» من العودة بين قلبي الدفاع لتسلم الكرة وبناء العملية الهجومية بشكل سليم كما هو معتاد، فحرم المنتخب البرازيلى من ركيزة أساسية قامت عليها طريقة لعب السيلساو طوال مشوارهم بالبطلولة.
لم يكن هذا فقط ما ميز اللاعب الفذ، بل كانت عودته لتسلم الكرة من المنتصف، تمثل الدور الأبرز في تفريع المساحات، خاصة عندما التزم تياجو سيلفا قلب دفاع البرازيل بالخروج معه، ما منح الفريق البلجيكي فرص تهديف مؤكدة.
اللاعب الأشقر كان أيضًا قائمًا بمهمة صناعة اللعب، ومنح زملاءه لوكاكو وهازاد وفيلاني، عبر تمريراته الذكية، أكثر من فرصة حقيقية، كما تمكن بهدوئه الكبير من منح زملائه راحة كبيرة، وعندما أتيحت له نصف فرصة للتسجيل كان حاضرًا في الميعاد، عبر تسديداته الصاروخية التي اعتدناها منه.
دور جديد ظهر فيه دي بروين كرأس حربة وهمي، وبطريقة لم تمنعه من مهام صانع الألعاب التي يُبدع فيها، كما أن الفريق لم يخسر مع ذلك أدواره الدفاعية، لذا كانت الفكرة مجنونة ولم يتوقعها أحد، وإن كان الإسبانى الآخر بيب جوارديولا هو أول من وظف دي بروين في مرات قليلة للقيام بنفس المهمة.
خسر دي بروين جائزة أفضل لاعب بالدوري الإنجليزي أمام محمد صلاح، لكن تألقه غير العادى ولعبه الدور الأبرز في إقصاء المرشح الأول للفوز بالبطولة، سيعيد اسمه بقوة بين المرشحين للفوز بالكرة الذهبية، إذا تمكن من الاستمرارية والتتويج باللقب.

الآن.. لا شك أن دي بروين هو أحد أفضل صانعى الألعاب بالعالم، بعدما نجح الإسباني بيب جوارديولا في تحويله من مجرد جناح إلى لاعب مرن، يُجيد تأدية أدوار كثيرة، أهمها صناعة اللعب من عمق اللعب، إلى جانب أدوار الارتكاز، عوضًا عن دور المهاجم الوهمى التى كانت سر الإطاحة بالبرازيل.

 ومن المؤكد أن استمرار تطور اللاعب علي يد مدربه الإسبانى سيكون طريقه لاعتلاء منصات التتويج ومزاحمة رونالدو وميسى، فيما هو قادم.
فى مهمة الأمس، نجح دي بروين في قتل آخر فرصة لنيمار للمنافسة علي الكرة الذهبية، وأطاح به رسميًا، بينما ينظره في الدور قبل النهائي مهمة صعبة جدًا أمام فرنسا، وصعوبات بالغة في طريقه.

كما أن استمرار هذا الشكل الخططي للإسبانى مارتينيز -رغم قوته وبراعته-، قد لا يكون الحل الأمثل في المباراة المقبلة، لأن الفريق الفرنسي شاهد مباراة بلجيكا اليوم، لذا لن تكون الطريقة ذاتها مفاجئة ومباغتة، فهل يتحفنا مارتينيز بفكرة جديدة أمام فرنسا كما هى عادة الإسبان مع كرة القدم؟ .