"مفيش مستحيل".. كيف حول اللاعبون لحظات المعاناة والانكسار إلى نجاح
"ما تحلم على قدك يا عم" كم مرة قيلت لك هذه الجملة ؟ لا شك إنك سمعتها كثيراً وكثيراً كلما أخبرت صديقك أو شخص قريب منك بحلمك الذي ربما يكون به نوعاً ما من الطموح الشديد وتتمنى أن تحققه، فيراه هو أمراً بعيد المنال بل يبدأ في اقناعك أن ما تقوله هو درباً من الجنون وبالتأكيد لا ينتهي الحديث دون أن يردد هذه الجملة، متناسياً أنه طالما الشخص مقتنعاً بقدراته ولديه الإصرارالكافي فمن الممكن أن يصل إلى كل ما يريد، ولما لا ومعظم تجارب العظماء الذين حققوا أموراً قد تبدو صعبة للغاية في جميع المجالات وعلى رأسها كرة القدم أثبتت أنه ليس هناك مستحيل بل أن البطل الحقيقي هو من يخرج من رحم المعاناة.
ولكننا دائماً
ما تعودنا أن يكون كل اهتمامنا وتركيزنا على اللقطة الأخيرة فقط وهي لقطة النجاح والشهرة
وكأن هذا الشخص ولد ووجد الأمور ممهدة للوصول إلى هذا الحلم، ولا أحد منا يفكر جدياً
في كم المعاناة والصعاب التي واجهها وتغلب عليها كي يصل لهذه المكانة، خاصة أن النجاح
لا يتحقق إلا للمجتهد الذي ضحى كثيراً من أجل تحقيق هدفه.
ويستعرض
"الكابتن" في هذا التقرير أبرز قصص المعاناة والصعاب التي واجهها اللاعبون
قبل الوصول للشهرة وتحقيق هدفهم :
1) لوكا مودريتش
عندما يلمس الكرة تشعر وكأنه يعزف لحن موسيقي ممتع
ومتكامل لا تريده أن ينتهي إطلاقاً، فعلى الرغم من أن حب الجماهير يكون دائماً للاعب
الهداف، إلا أن لوكا استطاع أن يخطف الأنظار بشدة
خلال السنوات الأخيرة، ولما لا وهو يمتلك كل فنون كرة القدم الجميلة التي جعلته
مع الوقت واحداً من أهم لاعبي وسط الملعب في العالم، ولكن كما يقال دائماً فمن رحم
المعاناة يولد النجاح لوكا الذي نشأ وسط الحروب في كراوتيا أصوات طائرات وصواريخ وقذائف
طوال الوقت، بل ما زاد الأمر سوءاً هو وفاة والده ليصبح يتيماً وهو في سن مبكر، يقضوا
حياتهم في مخيمات اللاجئين نظراً لعدم وجود مأوى لهم بعد أن دمرت الحرب كل ما هو أخضر
يابس، حياة تقتل أي طموح أو حلم أياً كان.
وسط كل هذه الظروف
الصعبة لم يكن هناك سوى كرة القدم هي التي تخفف وتهون على الطفل الصغير هذه المعاناة،
حيث ظل حريصاً على ممارستها باستمرا نظراً لحبه الكبير لها, ومع الوقت ولأن الله يعطي
المجتهد الذي يحافظ دائماً على أمله وشغفه حتى ولو كانت الظروف غير جيدة إطلاقاً, رآه
أحد كشافين نادي دينامو زغرب وهو في سن الـ 16 وأعجب كثيراً بمستواه، لينضم بعدها لوكا
إلى الفريق الكرواتي لكنهم فضلوا إعارته لبعض الأندية من أجل اكتساب الخبرات.
انتقل لوكا إلى
العديد من الفرق ليتدرج مستواه ويثبت نفسه كالعادة ليقرر مسؤولو نادي دينامو زعرب الكرواتي
عودته مرة أخرى وهو في سن الـ20 بل حرصوا على إبرام عقد جديد ولمدة 10 سنوات بعد أن
أدركوا أنهم أمام لاعب جيد من الممكن أن يجنوا من ورائه الكثير من الأموال في المستقبل،
وبالفعل استطاع لوكا أن يقدم مستوى فني رائع للغاية جعله يخطف أنظار الجميع بقوة وقتها,
بل تم اختياره بعدها بعام واحد فقط لتمثيل منتخب بلاده للمرة الأولى.
مع الوقت كان تألق
لوكا يزداد يوماً بعد يوم حتى أصبح هدفاً لجميع الفرق الكبرى بل أنه كاد قوسين أو أدنى
من الانضمام لفريق تشيلسي الإنجليزي إلا أن الأمور لم تكمل، لينتقل بعدها إلى فريق
توتنهام عام 2008 ليؤكد من جديد أنه لاعب من طراز فريد، حيث كان كالموسيقار الواثق
من امكانياته حتى لو كان في أبرز دوري بالعالم ووسط نجوم كبار للغاية، فاستطاع تقديم
مستواه الرائع والمعهود، قبل أن يخطف بعدها أنظار واحداً من أهم الفرق في أوروبا وهو
ريال مدريد الإسباني لتتم الصفقة في عام 2012.
مع ريال مدريد كان لوكا مودريتش وصل لمرحلة النضوج الكروي ولما لا وهو ضمن فريق متكامل قادر على حصد البطولات، فهو حقق مع الملكي العديد من الألقاب أبرزها الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية وغيرها، وفي مونديال روسيا 2018 كان لوكا على قدر المسئولية وأكثر حيث قاد منتخب بلاده كرواتيا لنهائي المحفل الدولي الأهم للمرة الأولى في التاريخ، بل كنت تشعر أنه قائد للفريق بكل ما تحمل الكلمة من معنى, هو العقل المتحكم في مستوى اللعب دائماً، ولكن إنجازات لوكا لم تتوقف عند ذلك بل أنه تواجد مؤخراً ضمن قائمة اللاعبين المرشحين لحصد لقب أفضل لاعب في العالم عن عام 2018، ليتحول الطفل الكرواتي من لاجيئ لا يجد مأوى إلى لاعب أسطوري تعشقه الجماهير.
2) جيمي فاردي
من خارج عن القانون
ومراقب من الشرطة إلى واحدأ من أفضل مهاجمي العالم، قصة حياة وصعود جيمي فاردي أشبه
كثيراً بقصص الأفلام إلى حد كبير، فبدأ فاردي حياته الكروية مع نادي شيفيلد الإنجليزي
إلا أن الأمور لم تكن جيدة إطلاقاً حيث كان لاعباً سيئ السمعة وغير ملتزم بالقواعد
أو حتى مواعيد التدريبات حتى تم الاستغناء عنه، ليقرر بعدها اعتزال كرة القدم والعمل
في مجال آخر ليعمل في إحدى مناجم الفحم إلا أن بعد ثمانية أشهر دفعه الشغف للعودة مرة
أخرى وبالفعل عاد من بوابة فريق ستوكبريدج الإنجليزي المتواجد في دوري الدرجة الثامنة
لكنه لعب بشكل مجاني وبدون مقابل مادي، ليستمر معهم لمدة 7 سنوات متواصلة حتى عام
2010 وخلال هذه الفترة كان فاردي مراقب وتحت أنظار الشرطة بعدما دخل في شجار عنيف بإحدى
الحانات ليقرروا عقابه بأن لا يغادر منزله بعد الساعة السادسة، بل حرصاً وتأكيدًا على
تنفيذ العقوبة تم وضع جهاز تعقب في يده من أجل تحديد مكانه.
بعدها لعب فاردي لأحد أندية الهواة ثم انتقل لفريق فليتوود تاون الذي قدم معه مستوى جيد، حتى عام 2012 الذي شهد تغيير وتحول جذري في حياة فاردي عندما انتقل لفريق ليستر سيتي الإنجليزي، ليبدأ مشوار المجد بالرغم من أنه واجه بعض الصعوبات في بداية الأمر لكنه بعدها أثبت نفسه بقوة وأصبح مهاجم الفريق الأول بل قادهم للتتويج بلقب بطولة الدوري الإنجليزي للمرة الأولى في تاريخ النادي عام 2016، ليكون واحداً من المهاجمين المطلوبين بقوة في أكبر أندية العالم، أما على المستوى الدولى فأصبح فاردي من أهم اللاعبين المتواجدين باستمرار مع المنتخب الإنجليزي، حيث شارك في الانجاز الأخير بمونديال روسيا عندما حققوا المركز الرابع بعد غياب وتراجع كبير للكرة الإنجليزية.
3)
محمد صلاح
رغم صغر سنه أصبح
أسطورة مصرية يعشقها الجميع حيث تخطى الأمر كونه لاعب كرة بل خلق حالة لا يمكن وصفها
بكل الطرق الممكنة، وما أشهرها رحلة كفاحه التي أصبحت تتصدر الصحف العالمية كلما حقق
إنجازاً جديداً، أصبح صلاح هو فارس أحلام الكرة المصرية بكل ما تحمل الكلمة من معنى
ولما لا وهو حقق الحلم الذي راودنا دائماً بأن يكون لدينا لاعب مصري هو حديث العالم
وهدفاً لجميع الفرق الكبرى بل يتفوق في بعض الأرقام على أبرز النجوم العالمية على رأسهم
الثنائي الأبرز البرتغالي كريستيانو رونالدو و الأرجنتيني ليونيل ميسي.
ابن محافظة الغربية
مر خلال مسيرته الكروية بالعديد من العقبات بداية من عدم قدرته في الالتحاق بالجامعة
نظراً للظروف الماليه الصعبه بل التحق بمعهد اللاسلكي، بالإضافة للتضحيات التي قام
بها من أجل التواجد في القاهرة والانضمام لنادي المقاولون العرب ليبدأ مشواره، حتى
عام 2010 حيث تم تصعيده للفريق الأول وبالرغم من صغر سنه إلا أنه أظهر شخصية قوية لا
تخشى المباريات الكبيرة بل يسجل ويهز شباك أكبر فرق الدوري وعلى رأسهم قطبي الكرة المصرية
الأهلي والزمالك، ليخطف الأنظار بقوة ويكون على بعض أمطار بسيطة من تحقيق حلم أي لاعب
بالانتقال لنادي الزمالك لولا أن ممدوح عباس رئيس النادي وقتها رفض إتمام الصفقة لعدم
اقتناعه بقدرات صلاح، أمراً يبدو عقبة كبيرة ولكن دائما إرادة واجتهاد محمد صلاح تجعل
العقبات نقطة تحول كبيرة، حيث أن بعدها انتقل الفرعون المصري لفريق بازل السويسري ليبدأ
رحلة احتراف هي الأنجح على الإطلاق وسيظل يتذكرها جميع الأجيال المقبلة دائمأ.
الفرعون المصري
واصل تألقه في الملاعب الأوروبية بشكل كبير حيث أعطى مثالاً رائعاً في التطور الفني
والعقلي، فهو صاحب عقلية محترفة نفتقدها في جميع اللاعبين المصريين عقلية تعتمد على
العمل الدائم فلا مجال للحديث والصراعات التي لا فائدة منها، هذه الشخصية التي شارك
في تأسيسها والده الذي شجعه ودفعه نحو تحقيق حلمه بشكل كبير وهو ما ظهر خلال موقف رواه
صلاح في إحدى اللقاءات الصحفية حيث قال إنه واجه صعوبات كثيرة في بداية مشواره مع المقاولون
العرب وكان لا يشارك أساسياً لمدة ثلاثة أشهر الأمر الذي أثر كثيراً عليه وكاد ينهي
مسيرته وبالفعل تحدث مع والده وأخبره أنه لا ينوي الذهاب للنادي مرة أخرى خاصة أنه
يسافر كل يوم لمدة 5 أو 6 ساعات وفي النهاية لا يشارك، ليرد عليه والده ويؤكد له أن
عليه التماسك والمواصلة لتحقيق حلمه حيث أن معظم اللاعبين العظام واجهوا مثل هذه المواقف
الصعبة وتغلبوا عليها، كلمات شكلت شخصية قوية قاتلت حتى وصلت لأكثر من ما حلمت به.
فما أجمل من أن ترى العالم الآن يتحدث عن صلاح أو تسمع جماهير ليفربول تتغنى وتشيد باللاعب المصري أموراً علينا أن نفخر بها جميعاً، فهو أيقونة مصرية وصلت لما كنا نراه مستحيلاً، قصة كفاح بدأت من قرية صغيرة في محافظة الغربية إلى واحداً من أفضل لاعبي العالم بل هداف أهم دوريات العالم، هذا بجانب تحقيقة لحلم المصريين الأهم بقيادة المنتخب المصري للتأهل من جديد للمونديال بعد غياب دام سنوات وسنوات، بل حقق الانجاز الأهم بعدما أصبح أول لاعب مصري يتم ترشيحه لجائزة أفضل لاعب بالعالم، لذلك سيظل مشوار صلاح يؤكد جملة واحدة "أحلم مهما كان حلمك مستحيل" وهو ما يطالب به دائماً الفرعون المصري كلما حقق إنجازاً جديدأ.
4)
أليكسيس سانشيز
لاعب برشلونة وأرسنال
السابق والمنتقل في الموسم الماضي إلى نادي مانشستر يونايتد بعقد جعله من أكثر اللاعبين أجراً في الدوري الإنجليزي، ولكن ليت البدايات بجمال
وروعة النهايات دائماً، ولد سانشيز في عائلة فقيرة جداً حيث أن الأب كان عاطلاً بل
أنه غادر وترك ابنه وهو في شهوره الأولى فقط نظراً لأنه لم يكن قادرأ أن ينفق عليهم
ويتحمل مسئوليتهم، الأمر الذي جعل والدته تضطر للنزول والعمل في أكثر من وظيفة مثل
بيع الزهور وغيرها كي توفر بعض الأموال من أجل أطفالها، إلا أن الأحوال لم تكن جيدة
بشكل كبير لذلك كان يتدخل عمه دائمأ من وقت لآخر لمساعدتهم بالرغم من أن وضعه المالي
كان سيئ أيضاً.
مع الوقت طلب عمه
من والدته بالسماح لأحد الأطفال بأن يذهب للعيش معه من أجل تخفيف الأعباء عنها بشكل
كبير، وبالفعل بعدها بفترة وافقت وانتقل أليكسيس سانشيز للعيش مع عمه وبعد عدة سنوات
وبالرغم من الظروف المادية الصعبة قرر عمه أن يبيع بعض المقتنيات من أجل أن يشترك لأليكسيس
في أكاديمية كرة القدم خاصة أنه يعشقها وهي الرياضة المفضلة له، إلا أن المشكلة كانت
في توفير الأموال لسداد رسوم الأكاديمية بشكل منتظم الأمر الذي جعل سانشيز يضطر للعمل
في أكثر من وظيفة كي يحافظ على حلمه الأهم، فلك أن تتخيل أن سانشيز قام بغسيل السيارات
بل كان يقوم برقصات بهلوانية في الشارع كي يحصل على بعض الأموال بل كان يصل به الحال
للتوسل إلى البعض أحياناً من أجل الأموال والطعام أيضا.
بعد كل هذه المعاناة
ظهرت نقطة ضوء بعيدة وسط هذا الظلام القاتم، فبعد أن تألق في إحدى المباريات وأحرز
أهدافاً وظهر بشكل رائع، رآه أحد أغنياء تشيلي الذي كان دائمأ ما يرعى الشباب الذين
يمتلكون موهبة، حيث أعجب بسانشيز بشكل كبير وفتح له طاقة القدر بل وفر له كل ما يحتاجه
وساعده كثيراً، ليساهم هذا الاستقرار في تطور سانشيز فنياً وكروياً حيث تدرج ولعب في
أكثر من فريق أبرزهم برشلونة والأرسنال ليبدأ رحلته الكروية التي حقق خلالها العديد
من النجاحات، بل أصبح مع الوقت قائداً وملهماً لمنتخب بلاده تشيلي، حيث قادهم لتحقيق
البطولات والألقاب.