رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

ريال مدريد وأتلتيكو.. لقد أرسل الله قوارب النجاة مبكرًا

سرجيو راموس
سرجيو راموس

أبي، هل تريد سماع نكتة مضحكة؟ كان هناك رجل يغرق فمر بجانبه زورق وقال له صاحبه "هل تحتاج مساعدة؟" فقال له "ربّي سوف ينقذني" ثم مرّ بجانبه زورق آخر فقال له صاحبه "هل تحتاج مساعدة" فقال له "لا، ربّي سوف ينقذني!" .. ثم مات الرجل وعندما ذهب إلى الجنة سأل الله "لماذا لم تنقذني عندما كُنت أغرق؟" فرد عليه الله " لقد أرسلتُ لك قاربين أيها الأحمق!"



كان ذلك أحد المقتبسات الحوارية من الفيلم الأمريكي The Pursuit of Happiness، ربما سُمعت أصداء تلك الكلمات الليلة في محيط ملعب إي لي كوك أرينا بالعاصمة الإستونية تالي، الذي شهد فوز فريق أتلتيكو مدريد على مواطنه ريال مدريد بأربعة أهداف مقابل هدفين في السوبر الأوروبي.




استحوذ ريال مدريد يمينًا ويسارًا، الأكثر صناعة للفرص، الأكثر تسديدًا، ومراوغة، وفوزًا بالصراعات الهوائية، وفي التدخلات، والأقل في فقد الكرة، والأكثر استقبالًا للأهداف أيضًا.


كان القارب الأول الذي أرسله الله لريال مدريد عقب رحيل كريستيانو رونالدو وزيدان والتعاقد مع لوبتيجي هو انطلاق سوق الانتقالات الصيفية أو الميركاتو الصيفي.



مرت الانتقالات الصيفية على ساكني سانتياجو برنابيو دون شيء يذكر
، حتى الآن على الأقل، تعاقدات معتادة مع لاعبين من فئات سنية صغيرة، خبراتهم قليلة، وفقط الحارس تيبو كورتوا من تشيلسي.



كان الأجدر بفلورنتينو بيريز ورفاقه البدء بالدخول في مفاوضات لجلب محور وسط ملعب دفاعي، ولاعب في مركز الدفاع وآخر في الظهير الأيسر قبل النظر إلى مشروع الشباب، 3 أهداف لأتلتيكو من مناطق يغطيها كاسميرو، الذي لا بديل له، أخطاء بالجملة من فاران، ثم ماذا يا بيريز؟! هل تحتاج إلى عقد من الزمن لتدرك أن الميركاتو وشارف على النهاية.



دخولًا في تفاصيل المباراة، اعتمد أتلتيكو مدريد على  أسلوب مغاير لما لعب به مسبقًا، ضغط عالٍ من الخطوط الأولى، هجوم شرس، محاولات للسيطرة على منتصف الملعب، وإجبار لريال مدريد على العودة للخلف.



على الجانب الآخر، 4-3-3 للملكي، لا مركزية بين ثلاثي الهجوم، انطلاقات عرضية، وقليل من الضغط على دفاع الخصم.



الكثير من العيوب ظهرت في خطة الملكي، أولها كان ضعف الارتداد الدفاعي للأجنحة، وهو ما وضع لاعبي أتلتيكو مدريد في موقف 1-1، و 2-1 كثيرًا على دفاعات الملكي.



مثلًا في كرة الهدف الأول لأتلتيكو مدريد، تسلم كوستا الكرة برأسه، والتف بجسده في حراسة راموس وبدون أي مساندة من مارسيلو، الذي كان متقدمًا  في الهجمة، حتى فاران فشل في إيقاف كوستا.



في الحالة الدفاعية كان ريال مدريد يتحول إلى خطة 4-2-3 واضعًا كاسميرو، كروس في منتصف الملعب وأمامهم ثلاثي إيسكو في القلب، على يمينه جاريث بيل، وعلى يساره ماركو أسنسيو في محاولة لإحداث العمق الدفاعي.


كان الشيء الوحيد الذي نجح فيه مدريد الشوط الأول، هو امتصاص حماس أتلتيكو، والعودة في النتيجة بهدف كريم بنزيما.



لم تكن تغييرات لوبتيجي موفقة بداية من سحب أسنسيو، القادر على تقديم الدعم الدفاعي لمارسيلو، وإشراك مودريتش ليلعب إيسكو كجناح أيسر بمهام دفاعية، ظهر عليه ضعف في تأديتها، ثم سحب كاسميرو اضطراريًا، وإشراك سيبايوس، ثم خروج إيسكو بعد أن شارف على السقوط أرضًا من التعب لصالح فاسكيز، وأخيرًا مايورال على حساب كروس.



ظهر جليًا خلال المباراة أن المستر لوبتيجي فضل إجلاس أفضل لاعبي كأس العالم لصالح فتاه المفضل إيسكو، رغم أن الأول كان بإمكانه فرض السيطرة، وإخراج الفريق من حالة الضغط بنقل الهجمة، وإسراعها على عكس ما فعل إيسكو، إضافة إلى ضعف الخيارات الموجودة على دكة البدلاء مثل سيبايوس، ومايورال وفاييخو، رقميًا قدم إيسكو أداءً جيدًا، لكن على الملعب كان أحد أسباب بطء هجمة الملكي، محاولًا المراوغة وفرض سيطرته مسببًا تعطيل انطلاقات بيل وأسنسيو.



استمرارًا لأزمة الموسم الماضي، كان دفاع ريال مدريد أسوأ الخطوط، ضعف في التمركز، خطأ ساذج وقلة تركيز تسببا في هدف ثانٍ ثم ثالث ورابع، في آخر سنتين تحديدًا للملكي كان الدفاع هو الأزمة كلها.



كانت الأمور مستتبة بوجود كاسميرو، مدافع خامس، يقرأ الهجمات جيدًا ويتحرك لإفسادها، حتى خرج من الملعب وأفقد فريقه العمق الدفاعي أمام راموس وفاران، يبدو أن كليهما مازال محتجزًا في روسيا حتى اليوم".


أما عن القارب الثاني الذي أرسله الله للفريق الملكي كان خسارة ديربي المدينة، والسوبر الأوروبي في ليلة واحدة، لوبتيجي لا بد أن يدرك أن ريال مدريد لا يملك بوسكتس أو إنييستا، ولا يلعب على الاستحواذ كما إسبانيا، هناك في العاصمة لا يعرفون سوى لغة الأهداف ولا شيء آخر.


الحل الآن في يد بيريز ولوبتيجي إما التحرك لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه بإبرام صفقة أو إثنين يحتاجهما الفريق، ربما يمتلك الأخير فلسفة تدريبية قد تؤتي ثمارها مع الملكي، لكن هذا لن يتم دون وجود مهاجم آخر، بجوار بنزيما، لاعب يجيد طريق الشباك، أو تحويل بيل إلى مهاجم ثانٍ، هناك قاعدتين في ريال مدريد أولهما كريم بنزيما وحده لن يكفي، وثانيهما لا تنسى أبدًا الأولى.



ما زالت المشكلة التي يعاني منها الملكي منذ تولي زيدان تدريب الملكي، رغم نجاحه، وهي محاولات تغيير أيديولوجية وعقلية الميرنجي، ومحاولة استبدال نجوم ككريستيانو رونالدو، وتوني كروس، وكارفخال، بلاعبين أمثال أشرف حكيمي، وماركوس لورينتي، وداني سيبايوس، وبورخا مايورال.