رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الكابتن" يكشف وقائع وتفاصيل الغليان داخل القلعة الحمراء

الكابتن

  فى ١٨ يوليو الماضى، نشرنا تقريرًا تحت عنوان: «هل حول رجال الخطيب الأهلى إلى سبوبة؟»، حذرنا فيه من «المصالح» التى يلجأ إليها البعض على حساب النادى، وذكرنا تفاصيل تؤكد وجود سمسرة فى صفقات كثيرة لا قيمة لها، وطالبنا رئيس الأهلى بالتدخل العاجل لوقف شبكات المصالح التى تمهد لسقوط آتٍ، فلم يأت الرد قولًا أو فعلًا. أمس الأول انفجر علاء ميهوب رئيس اللجنة الفنية بالنادى، وتقدم باستقالته- قبل أن يجمدها حتى اجتماعه مع محمود الخطيب رئيس النادى السبت المقبل- اعتراضًا على ما يحدث داخل «القلعة الحمراء»، وعدّد مجموعة أسباب نقلتها، كان أبرزها وأهمها على الإطلاق وجود سمسرة فى كثير من الصفقات، وتعطيل مهامه من قبل البعض، بسبب الرغبة فى إتمام تلك الصفقات المشبوهة، قبل أن يُخمد «بيبو» ثورته ويطالبه بتأجيل الاستقالة لحين الجلوس معًا.
لماذا انفجر «ميهوب»؟ وما حقيقة الصفقات التى فجرت الخلافات بينه وبين عبدالعزيز عبدالشافى، المدير الرياضى للنادى، وذهبت بعلاقتهما إلى طريق مغلق؟ وكيف ينقذ «الخطيب» السفينة قبل الغرق؟ وما سيناريوهاته لعلاج الأزمة؟ هذه وغيرها من التساؤلات يبحث «الكابتن» عن إجابات لها فى هذا التقرير.

1- ميهوب كشف العمولات.. منع قيد لاعبى أكاديمية زيزو.. وأطاح بذراعه
يبحث المشجع الأهلاوى حائرًا عن سر تقليص أدوار علاء ميهوب، رغم نجاحاته الكبيرة، ولما كانت الإجابة كما لخصها هو بنفسه مقصورة على ما يمارسه عبدالعزيز عبدالشافى تجاهه من إقصاء، برز التساؤل الأهم والذى يخفى كل الكواليس: «ما سر عداوة زيزو وميهوب؟».
يعرف المقربون من «ميهوب» و«زيزو»، والمطلعون على صناعة القرار فى الجزيرة، أن الخلافات بدأت عندما اتهم «ميهوب» علنًا وفى حضور مسئولى الأهلى البعض بـ«السمسرة» فى صفقة المالى الهارب سليمان كوليبالى.
اتهامات «ميهوب» طالت الذراع اليمنى لـ«زيزو» بالنادى الأهلى عصام سراج الدين مدير التسويق آنذاك، والذى جُمد وأحيل للتحقيق بسبب ما شاب هذه الصفقة من عوار وشُبهات واضحة، قبل أن يعود أمس الأول ليعلن استقالته ويعفى نفسه و«زيزو» من الحرج الذى تعرضا له بعد ثورة الموهوب دائمًا.
لكن «زيزو» لم ينس لـ«ميهوب» الضربة، واستغل الصلاحيات الكبيرة التى منحها إياه «الخطيب»، وبدأ فى تهميش أدوار «ميهوب» بعدما لمس اعتراضه على كثير من الصفقات التى بحث عنها بنفسه وتدخل فيها.
بعدها استكمل «ميهوب» ثورته، وأعلن اعتراضه على ضم عدد من الصفقات التى وقف «زيزو» وراء ضمها، على رأسها أحمد كارلوس ويوسف الجبالى، فبعدما تقدم «ميهوب» بصفته رئيس اللجنة الفنية بتقرير يوصى بعدم التعاقد معهما، وبرهن على رؤيته بتحديد القصور الواضح فى قدراتهما الفنية والشخصية التى لا تؤهلهما للانضمام إلى الأهلى، أصر «زيزو» على مبتغاه، وتعاقد الأهلى مع اللاعبين رغم توصيات «ميهوب» واتهاماته بوجود سمسرة فى هذه الصفقات.
بعدها وقف «ميهوب» أيضًا عائقًا أمام رغبة زيزو فى قيد بعض اللاعبين التابعين لأكاديميته الخاصة «ديزيه» فى قطاع ناشئى الأهلى، وأعلن اعتراضه على مستوياتهم المتواضعة والتى لا تصلح للأهلى.
وامتدت الخلافات أيضًا إلى صفقة ضم أحمد علاء، لاعب الداخلية، إذ قال «ميهوب» نصًا لمقربيه: «بعدما أتممت التعاقد مع علاء وحصلت على توقيعه، فوجئت بزيزو يُحضر تامر النحاس، الذى طلب عمولته كوكيل للاعب فى الصفقة، رغم أنه لم يكن وكيلًا عنه فى المفاوضات التى خضتها بنفسى». كواليس ومحطات كثيرة مرت بها العلاقة الصدامية بين «ميهوب» و«زيزو»، حتى انتهت بانفجار البركان الكامن بداخل «ميهوب»، والذى رفض صراحة الاستسلام أمام ما اعتبره مخططًا لـ«زيزو» مهّد لدمج لجنته الفنية مع لجنة التعاقدات، على أن يترأسها محمد فضل الذى يقل كثيرًا عن «ميهوب»، فى الخبرات، والنجومية، والأدوار.
يعرف «الخطيب» كل هذه الكوارث وصمت عنها منذ البداية، وتفسيرى الوحيد الذى لا أجد غيره، أن رئيس الأهلى مطالب برد الجميل، وسداد ضريبة الانتخابات لكل من وقف إلى جواره، دون أن يتعلم من درس محمود طاهر.
لم يعرف فريق الكرة فى ولاية «طاهر» طريق البطولات والانتصارات والاستقرار إلا بعد إقصاء الأوراق الانتخابية، وتهميش هؤلاء الذين فشلوا فى ملف إدارة الكرة، مثل علاء عبدالصادق وعبدالعزيز عبدالشافى، بعدما دمرا كل شىء بتعاقداتهما واختياراتهما السيئة للاعبين ولـ٥ أجهزة فنية لم تعرف سوى الانكسارات تحت قيادة «بيسيرو وجاريدو ومارتن يول وفتحى مبروك وعبدالعزيز عبدالشافى فى ولايتين». وعاد الفريق قويًا مرعبًا محليًا وإفريقيًا لمّا راهن على الكفاءة بدلًا من المحسوبية، والعقل والعلم بدلًا من الفهلوة والمصالح، فاستعان بـ«هيثم عرابى» مديرًا للتسويق، وعلاء ميهوب رئيسًا للجنة الفنية، وحسام البدرى مديرًا فنيًا، فهل يستوعب الخطيب درس طاهر قبل فوات الأوان ويقصى أولئك الذين يدمرون الفريق، ويقضون على ما تبقى من أسس راسخة داخل هذا الكيان العظيم؟.

٢- رئيس اللجنة الفنية حسم صفقتى أزارو وأجاى.. والمدير الرياضى عطّل ترشيحاته
لماذا ينحاز جمهور الأهلى لـ«علاء ميهوب»؟
ببساطة شديدة، يعرف جمهور الأهلى أهمية الدور الذى يلعبه «ميهوب» فى اختيار وانتقاء أهم المواهب، والدور الكبير الذى يبذله من أجل انتقالها للفريق.
لا يميل «ميهوب» فى الصفقات التى يكون مسئولًا عنها للاستماع إلى ترشيحات الوكلاء، ويفضل الذهاب بنفسه لرؤية اللاعبين فى الملعب مرة واثنتين وعشرًا، مثلما فعل ذلك فى صفقة وليد أزارو الذى تابعه من أرضية الملعب فى الدورى المغربى كثيرًا قبل أن يضمه للأهلى.
يحكى «ميهوب»: «طلب منى حسام البدرى مواصفات محددة فى مهاجم يريده، فتابعت أزارو، سافرت المغرب أكثر من مرة، وشاهدته من الملعب وقلت للمدير الفنى هذا هو الطلب المثالى الذى تبحث عنه».
كذلك كان «ميهوب» هو الشخص الذى اختار النيجيرى جونيور أجاى للأهلى، وقدم اللاعب بعد ذلك أدوارًا خيالية فى صناعة اللعب والهجوم، سواء من العمق أو الأطراف ليقدم نفسه كلاعب فريد ضمن تشكيلة الأهلى التى عانت كثيرًا فى غيابه. كما كان «ميهوب» أول من رشح صلاح محسن للانضمام إلى الأهلى، وبسبب تأخير المفاوضات معه ارتفع سعره.
كل هذه الأمور تجعل جمهور الأهلى العريض يُحب «ميهوب»، ويؤمن بدوره الكبير، ويدافع عن استمراريته، لكن هذا الجمهور لا يعلم أن عبدالعزيز عبدالشافى كان بين أهم العوامل التى عطلت إتمام صفقات أخرى مهمة رشحها «ميهوب».
رشح «ميهوب» قبل عام حسين الشحات، وتوصل إلى اتفاق لضمه بسعر يقارب الـ١٥ مليونًا فى إحدى الفترات، لكن «زيزو» كان على رأس القائمة التى اعترضت ورصّت المبررات الواهية التى ترفض تلك الأسعار التى وصفتها تلك الجبهة آنذاك بأنها مبالغ فيها.
كما رشح «ميهوب» أيضًا ضم طاهر محمد طاهر لاعب المقاولون العرب، وأيضًا تأخر الأهلى فى ضمه وسيدفع فيه الكثير بعدما طلب المقاولون ٢٥ مليون جنيه، ولم يفلح مجلس «الخطيب» فى إنهاء ترشيح قديم لـ«ميهوب» وهو حمدى فتحى لاعب إنبى الحالى أيضًا.
الآن أضحى التساؤل الأبرز: بمن يضحى الخطيب.. ميهوب أم زيزو؟.
على «الخطيب» وهو يبحث عن إجابة لهذا التساؤل، أن يعى أولًا أن «ميهوب» رفض عروضًا كبيرة من بيراميدز مطلع هذا العام، حرصًا على علاقته به وجمهور الأهلى. ثم عليه أن يُجيب عن هذا التساؤل: هل يجوز أن يخضع «ميهوب» بعد كل هذه الأدوار والنجاحات لـ«محمد فضل» الذى يخطو أولى خطواته نحو الإدارة الرياضية؟
عليه أيضًا أن يعى أن الحلول الوسط لم تعد مُجدية، وأن الصراع داخل النادى وصل إلى مرحلة الغليان كما هو الحال فى المشهد الأخير لفيلم «جاءنا البيان التالى»، وأن استمرار سياسة «العشم» وحلول شيوخ العرب، ستصل بالأهلى فى النهاية إلى السقوط.
كل ما أخشاه على الأهلى، أن يُضحى الخطيب بـ«ميهوب» اعتمادًا على احتمالية انضمام الأخير إلى بيراميدز عقب قبول استقالته، وأن ذلك وحده كفيل بتحويل التعاطف الجماهيرى إلى زلزال انتقادات ضده، لكن السيناريو الأقرب والذى يميل إليه دائمًا الدبلوماسيون أمثال «الخطيب»، هو التهدئة والترضية وتأجيل الغضب، لكنه لن يتحمل تبعات انفجاره مستقبلًا!.