رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

حفلة تأديب.. كيف وصل محمود الخطيب بـ«القلعة الحمراء» إلى «قاع الفشل» ؟

محمود الخطيب رئيس
محمود الخطيب رئيس الأهلي

ثورة الغضب تزداد يومًا تلو الآخر، ومع كل مباراة يخوضها فريق الكرة الأول بنادي الأهلي تتسع الفجوة بين مجلس إدارة النادي وجماهيره الناقمة، فلا صفقات «نافعة»، ولا مدرب جديد «شافع»، ولا تزال الهزائم والسقوط عنوانًا لمرحلة طالت لم يتوقعها أكثر المتشائمين.

كيف وصل محمود الخطيب رئيس الأهلي بـ«القلعة الحمراء» إلى هذه الاخفاقات؟ وما دور عدلي القيعي مستشار التعاقدات ومحمد يوسف المدرب العام فيها؟ وما الطريق إلى الإصلاح قبل فوات الأوان؟ هذه وغيرها من التساؤلات تُجيب عنها «الدستور» كاشفة كثيراً من الأسرار عن هذه المرحلة الصعيبة في تاريخ النادي الكبير خلال السطور التالية.

المظلوم

تعامل «مهين» مع السعيد أضاع السلاح الأقوى.. وتفاوضه مع الزمالك كان مجرد وسيلة ضغط

هبط من طائرته إلى أرض الملعب مباشرة، لم يلتق بأسرته أو ينل قسطُا من الراحة، ودون أي حصة تدريبية مع زملائه الجدد، وتحت قيادة جهازه الفني الجديد، نجح عبدالله السعيد أن يخرج من مباراة فريقه الجديد بيراميدز أمام الأهلي، كأفضل لاعب في المباراة، ومنح ناديه فوزًا تاريخيًا أمام بطل القرن الإفريقي.

ليلة حزينة عاشها ملايين الأهلاوية بسبب «السعيد»، الذي أراد الله أن يمنحه انتصارًا له معانٍ كثيرة، ويقف خلفه أسرار وكواليس لم تجرأ إدارة الأهلي على كشفها بعد، لتستمر في مسلسل خداع الجمهور وتضليله في هذا الملف بالتحديد، الذي كان أول عوامل سقوط الفريق فنيًا، بعد الفشل في تعويضه.

نجح المهندس عدلي القيعي وإدارة الأهلي في تصوير اللاعب «خائنًا»، وأرادوا له الذل أمام الجماهير، في مشهد يتنافى مع قيم الإنسانية عندما بذلوا كثيرًا من الجهد والمال ليعيدوه من الزمالك إلى الأهلي ثم يتخلوا عن خدماته، ويخوض «القيعي» وإعلام الأهلي معركة التشويه والتدمير النفسي للاعب، رغم أنه كان الأبرز في آخر 5 سنوات بالأهلي، وقدم الكثير للفريق.

لم يخرج  «السعيد» من مواجهة فريقه الجديد مع فريقه السابق، كأفضل لاعب في المباراة لأنه بارع فنيًا ومهاريًا فحسب، لا، فللقضية أبعاد إنسانية أخرى، وجوانب خفية كانت لابد وأن تذهب به في النهاية لانتصار جديد، يعطيه الفرصة لرد الإهانة لمن بادر بها في إدارة الأهلي.

لم يكن  اللاعب خائنًا للأهلي كما صوره «القيعي» وزميله إبراهيم المنيسي، خلال حملتهما سواء في قناة الأهلي أو عبر الكتيبة الخاصة بهما على مواقع التوصل الاجتماعي، ولم يبع الأهلي كما صوراه لنا، ولم يسع لارتداء قميص الزمالك يومًا، بل تخفي التفاصيل والكواليس أخطاءً من «القيعي» ومجلس النادي التي ذهبت في النهاية بملف «السعيد» إلى هذه النقطة.

لم يكن «السعيد» متقبلًا لفكرة ارتداء قميص الزمالك عندما خاطبه وسيط لأمير مرتضى منصور في بداية المفاوضات، ولم يتجه لهذه الخطوة إلا ردًا على الطريقة التي عامله بها «القيعي» خلال جلسة مفاوضات التجديد. عرض «القيعي» مبلغًا ماليًا رآه «السعيد» ضئيلًا مقارنة بحجم موهبته وعطائه، وأبلغ مستشار التعاقدات بأن لديه عرض أعلى من ضعف الرقم المقدم للأهلي، فجاءه رد بلغة اعتقد مهندس التعاقدات أنها سلاح قوة، رغم أن الوقت أثبت له خلاف ذلك :«معندناش غير كده.. لو مكانك واتعرض عليّ كده همشي يا عبد الله».

لم يحاول «القيعي» الحديث بلغة تليق بـ «السعيد» أفضل لاعب في مصر، ونجم المنتخب وقتها، واللاعب الذي لن يعوض غيابه أحد، لم يقل له مثلما تقول إدارة الأهلي لأمثاله من الكبار، إن علاقتهم بالأهلي ليست مجرد أموال، وأنه سيكون له دورًا إداريا لسنوات طويلة داخل النادي، لم يحاول اقناعه بتوفير حملة إعلانية لتعويض، ولو جزء، من الفارق الكبير بين العقد المقدم، ومنافسه من خارج الأهلي.

عقب لقائه مع «القيعي» توجه «السعيد» إلى شقة بمدينة الرحاب للقاء أمير مرتضى منصور، كما يروي لمقربيه بهدف تحريك المياه الراكدة في إدارة الأهلي، التي اعتقدت أنه يراوغ ولا يمتلك أي عروض جادة. أخبر «السعيد» المقربين منه أنه أراد استخدام ورقة الزمالك للضغط على الأهلي، ففوجئ بإحضار أمير مرتضى منصور لعدة حقائب بها 40 مليون جنيه قيمة التعاقد لموسمين، فلم يجد «السعيد» أي مهرب للتوقيع على عقد انتقال مبدئي، وقال «رغم أنني تورطت إلا أنني اشترطت عدم إظهار العقد الجديد، أو تفعيله سوى في حالة وحيدة، وهي عدم اتفاقي مع الأهلي على التجديد».

كان «السعيد» يرغب في أن ترفع إدارة الأهلي مقابل عقد التجديد فحسب، وأراد أن يثبت لـ«القيعي» أن لديه عروض جادة، وأنه لا يراوغ، وأنه لاعب كبير ويستحق معاملة خاصة، مثلما يحدث مع النجوم «المدللين»، وذوي العلاقات القوية بمجالس الإدارات.

وعندما نجح الأهلي في ترضيته ماديًا، لم يذهب للزمالك أو يتمسك به، ورغم ذلك أراد «القيعي» إذلاله أمام الجمهور وإعلان التخلي عنه، رافعًا شعارات تسببت في سقوط الأهلي بعدها، وإن حققت الهدف المطلوب بتشويه اللاعب وتدميره نفسيًا.

كان ولابد أن يعود «السعيد» ذات ليلة ليحقق انتصارًا تاريخيًا، في يوم تثور فيه جماهير الأهلي على «القيعي» نفسه، وتتهمه مع مجلس إدارة الأهلي بتدمير الفريق واتباع سياسات قديمة ولى زمانها، وكانت طريقًا إلى السقوط الكبير.

استخدم «القيعي» سلاح العاطفة الجماهيرية في معركته ضد «السعيد» التي كان سببًا في تفاقمها من البداية، فردت الرصاصة ذاتها في صدره بأقدام «السعيد»، وربما تحمل الأيام المقبلة مزيدًا من المفاجآت له.

المخطئان

تحكم من السماسرة في الصفقات تحت نظر القيعي.. والخطيب «شاهد ما شافش حاجة»

لم تكن حكاية عبد الله السعيد وحدها الشاهدة على فشل «مهندس الصفقات» في إدارة ملف تعاقدات الأهلي خلال الموسم الأول، التي أودت بالأهلي إلى ما يعيشه اليوم، بل هناك العديد من الأسرار والبراهين التي يمكن الاستشهاد بها لإثبات هذا الأمر.

مثلما تعامل عدلي القيعي بغرور وعقلية قديمة في ملف «السعيد» الذي لم يفلح الأهلي حتي يومنا هذا في تعويضه، رغم شراء صالح جمعة وناصر ماهر وعمار حمدي ومحمد محمود، تعامل أيضًا بالطريقة نفسها في التفاوض مع العديد من اللاعبين المهمين، وضيّع على الأهلي فرصة الاستفادة من خدماتهم، والذين يلهث النادي وراءهم الآن بأرقام مضاعفة لتلك التي عرضها عليهم من قبل، ورغم ذلك لم يفلح في إقناعهم بعد.

ويبدو أن رئيس النادي الكابتن محمود الخطيب ليس متابعًا جيدًا لما يدور حوله، وما يحدث في الخفاء، من عمليات سمسرة وإتجار بهدف تحقيق مكاسب شخصية، لأنه لو كان مدركًا لما يحدث ما سمح أبدًا بأن يضم الأهلي لاعبًا شابًا مثل عمار حمدي من فريق «النصر» مقابل 10 ملايين جنيه، رغم رفض «القيعي» ضم «الشحات» بـ 15 مليون جنيه في السابق؟

لو كان «بيبو» يدرك ما يُحاك في الكواليس وخلف الستار، لسأل لماذا لم يشارك عمار حمدي صانع الألعاب، الذي كلف الأهلي 10 ملايين جنيه، ولو لمباراة واحدة؟ ولسأل نفسه لماذا تعاقد الأهلي مع لاعب آخر في نفس مركز «حمدي» وفي نفس المرحلة العمرية وهو محمد محمود لاعب وادي دجلة، بصفقة انتقال قدرها 20 مليون جنيه؟ ولماذا تعاقد «القيعي» مع ناصر ماهر في الصيف الماضي، ليلعب في المركز ذاته رغم وجود أكثر من لاعب في هذا المركز؟ ولماذا لم يفلح كل هؤلاء في تعويض غياب «السعيد»؟

لو سأل «بيبو» عن الحقيقة وبحث عنها لعرف من هو وكيل عمار حمدي وما العلاقة التي تربطه بمحمد عدلي القيعي نجل مستشار تعاقدات الأهلي، لو سأل «بيبو» نفسه لماذا تامر النحاس هو الوكيل المشترك في أكثر من 10 صفقات دخلت الأهلي خلال عام؟ ومن من داخل الأهلي يعمل معه؟ لعرف من المنتفع ولماذا تفشل الصفقات الجديدة في الأهلي

لو سمع «بيبو» التونسي هشام بن صالح، وكيل الأنجولي جيرالدو، الوافد الحديث للأهلي، عن السمسرة التي تمت في الصفقة، والطريقة التي تم إهدار حقوقه بها، بشهادة محمد فضل المسجلة، وسمع تصريحات حسين الشحات الذي قال إنه وقع للأهلي ثم طلبوا منه بعد فترة المجيء والتوقيع مرة أخرى حتى يكون تامر النحاس حاضراً لعلم من يخدعه ويعمل لحساب نفسه.

كثير من وقائع الانتفاع في ملف التعاقدات تمت ولا تزال، ولا يزال «الخطيب» لا يسمع، لا يرى، لا يتكلم، وكأنه «شاهد ما شافش حاجة»، رغم كل الشواهد التي يعلمها الجميع عداه.

حينما يقرر «الخطيب» أن يكون حاسمًا قادرًا على المواجهة والصدام، وغير مبالٍ بأسماء ونفوذ الأشخاص، لن يكون لأصحاب المنافع الشخصية مكانًا داخل القلعة الحمراء، وسيعود الأهلي قلعة كبيرة يديرها أكفاء مؤهلون لقيادة مرحلة جديدة نحو الانتصارات التي افتقدها النادي الكبير مؤخرًا.

المدمر

التعافي لن يتم في وجود يوسف.. وكارتيرون لـ«معلول وأزارو»: المدرب العام «خانني»

كانت بداية سقوط الأهلي فنيًا بخروج عبد الله السعيد، والفشل في تعويض غيابه، وزادت حدة الأزمة بالسكوت على عمليات الإتجار التي تتم في صفقات لا فائدة منها، وضياع أخرى يحتاجها الفريق، ووصلت إلى ذروتها بإصرار «ببيبو» على الاستعانة بخدمات محمد يوسف، المدرب العام، الذي تسبب في التراجع الكارثي لأداء الفريق.

لا يعلم «بيبو» أن وعده لـ«يوسف» بخلافة «كارتيرون» كان واحدًا من العوامل التي أسقطت الفريق، وأن مدرب الأهلي العام لم يعمل يومًا لمساندة «كارتيرون» المقال، الذي اتصل بعدد من اللاعبين مؤخرًا، من بينهم وليد أزارو وعلي معلول، وأخبرهما عن خداع «يوسف» له و«خيانته»، ويستطيع «الخطيب» التواصل مع اللاعبين والتأكد من صحة هذه المعلومة.

لا يزال يسعى «يوسف» لنيل مكانة المدير الفني، ومثلما كان مسيطرًا في ولاية «كارتيرون» وتسبب في تراجع فني غير مسبوق، فهو مرشح لتكرار الأمر ذاته مع الأوروجوياني مارتن لاساراتي، الذي استسلم لطريقة اللعب نفسها التي يفضلها «يوسف»، ولجأ للأسماء التي يحبها «يوسف» أيضًا، ولفظ من يكرههم بداية من أولى المباريات التي تولى قيادتها فنيًا، وحتى مع الإيمان التام بأن الوقت لا يزال بعيدًا للحكم عليه إلا أن ما نعرفه من كواليس عن شخصية يوسف فيبدو أن لا شئ سيتغير في وجوده.

يتوجب على «بيبو» أن يعود إلى لاعبي الأهلي فرادى، ويسألهم سرًا عما يفعله «يوسف» مع المدربين الأجانب، وكيف يقنعهم بتدمير بعض اللاعبين، مثلما فعل في ملف مؤمن زكريا، بولاية «كارتيرون»، وربما يستمر كذلك الفترة المقبلة.

انصح «بيبو» بالاقتراب من أبنائه وسؤالهم عن الخفايا، وحقيقة المجاملات التي يحظى بها البعض دون آخرين، وبعيدًا عن هذا وذاك، بات الأهلي بحاجة ماسة إلى فكر جديد، وأن يتخلى عن أسلوب اللعب القديم الذي اعتاده الأهلي مع «يوسف» خلال الموسم الماضي.

وفيما يتعلق بالمدرب الجديد، «لاساراتي»، فالرجل من مباراته الأولى لعب بنفس طريقة اللعب القديمة، ولا يبدو أن شيئَا ستيغير طالما ظل يستمع وينصت ويكتشف لاعبيه بعيون «يوسف» لا بعيونه.

في المقابل، وبنظرة خاطفة على المنافس التقليدي للأهلي، نادي الزمالك، سنجد أن أحد أسرار نجاح كريستيان جروس، المدير الفني الأجنبي للفارس الأبيض، أنه لجأ لطريقة لعب جديدة، ودرّب لاعبيه على تنفيذ جمل خططية مختلفة ومغايرة لما هو معتاد.

غامر «جروس» من أول مبارياته مع الزمالك، وتخلى عن فكرة ثنائي الارتكاز، ورغم تعثره في البداية، إلا أنه وجد ضالته بالاعتماد على فرجاني ساسي، ولم يستسلم لأفكار جمهور الزمالك، ومدربيه من أبناء النادي، الذين فضلو الاعتماد على الطريقة القديمة والدفع بثنائي الارتكاز، واللعب بطريقة 4/2/3/1، فانتهج الزمالك شكلًا مختلفًا تمامًا وتحول للطريقة 4/1/4/1 بفضل تقدم ساسي مع أوباما في عمق الملعب أمام طارق حامد.

وبالعودة للأهلي، سنجد المارد الأحمر، أصبح في حاجة لطريقة لعب جديدة، وأن علاج أزماته الفنية يتطلب التخلي نهائيًا عن المنهج القديم، وهو ما يتطلب وجود مدير فني مستقل، لا يتدخل في عمله أحد، ولا يشكل قناعاته شخص لا يؤمن بالتطور والتجديد مثل «يوسف»، الذي توقف به الدهر عند طريقة لعب قديمة جدًا، أو عدم الاستعانة بمدرب مصري مساعد من الأساس.