رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

المهمة 2.. كيف يتجنب منتخب مصر صحوة الكونغو ؟

صلاح وتريزجية
صلاح وتريزجية

بعد بداية ليست بالقوية، يدخل منتخب مصر ثانى اختباراته فى بطولة الأمم الإفريقية، غدًا، عندما يلتقى نظيره الكونغولى الذى تعرض لهزيمة فى انطلاقة مبارياته بالبطولة أمام أوغندا بهدفين دون رد. فما الصعوبات التى تنتظر كتيبة خافيير أجيرى؟، وكيف يمكن أن يتعامل معها؟، وكيف سيلعب الخصم فى مواجهة الفراعنة؟.. هذه وغيرها من التساؤلات يُجيب عنها «الكابتن» فى السطور التالية.
مفاتيح الوصول لمرمى المنافس: صعود الظهيرين وتحول الجناحين للعمق وتكثيف الكرات العرضية

لسوء الحظ تعرض المنتخب الكونغولى لهزيمة فى بداية مشواره بالبطولة، ما يزيد من الصعوبات على الفريق الوطنى، خاصة أن الخصم سيلعب بتحفظ كبير وبأخطاء أقل مما ظهر عليه فى المباراة الأولى أمام أوغندا، وبحرص قد يصل إلى درجة المثالية فى الالتزام الخططى والتكتيكى.
وبناء على ذلك، ستبرز مشكلات كبيرة وتحديات صعبة أمام المنتخب المصرى، لأنه سيجد خصمًا متراصًا دفاعيًا، ويقاتل على كل كرة ويركز طوال الوقت على إغلاق المساحات وعدم المغامرة بأى شىء.
وإذا كنا قد اعترضنا على مبالغة «أجيرى» فى التحفظ وعدم المغامرة بالتقدم للثلث الأخير فى مباراة الافتتاح، فإننا فى مواجهة الغد لا نستطيع أن نلومه إذا استعان بنفس العناصر والأسلوب، لأن المقامرة بزيادة عدد المهاجمين أمام الكونغو سيكون الرد عليها أقسى مما كان عليه أمام المنتخب المتواضع زيمبابوى. لذلك لا نتوقع أن نجد تعديلات فى طريقة «٤-٢-٣-١» التى يلعب بها «أجيرى» ويعتمد فيها على ثنائى الارتكاز النمطى طارق حامد ومحمد الننى، صاحبى الأدوار الدفاعية.
ورغم رغبة المنتخب الكونغولى فى التحفظ الدفاعى ومحاولة تضييق المساحات إلا أن قدرة الفراعنة على التسجيل ستكون كبيرة لعدة أسباب، يأتى على رأسها السذاجة الدفاعية الكبيرة التى يعانيها الخط الخلفى للمنافس.
فأكثر نقاط الضعف فى المنتخب الكونغولى، التى يمكن للفراعنة استغلالها والتركيز عليها، تتمثل فى تلك المساحات التى تظهر بين الظهيرين وقلبى الدفاع من جهة، وبين قلبى الدفاع ولاعبى الارتكاز من جهة أخرى، لذا سيكون بمقدور مهاجمى المنتخب استغلال هذه المساحات الكبيرة فى الخطوط الخلفية. تقدم أحمد المحمدى وأيمن أشرف وفتح الملعب عرضيًا لإجبار ظهيرى الكونغو على الخروج على الأطراف بصورة مبالغ فيها مع تكليف «صلاح» و«تريزيجيه» بدخول عمق الملعب والاقتراب أكثر من منطقة الجزاء هو مثال لبعض الأفكار التى يمكن للفراعنة من خلالها صنع فرص تهديف بشكل متكرر والتسجيل مرة واثنتين فى مباراة الغد.
كما سيكون بمقدور لاعبى المنتخب الوطنى الوصول لمرمى المنافس بسهولة كبيرة، خاصة إذا نجح «أجيرى» فى إجبار «الننى» على التقدم أكثر لتحقيق الكثافة العددية فى الثلث الأمامى. وربما لا يكون «الننى» هو اللاعب المهارى الذى يحسن التصرف فى هذه المناطق، لكن الزيادة فى حد ذاتها هى الغاية المرجوة من تقدمه، كما أنه مع اكتساب مزيد من الثقة سيعود «الننى» للتألق فى أوقات مثالية وسيُسكت المنتقدين له، ما يعنى أنه سيلعب فى مباراة الليلة وفيما هو قادم دورًا كبيرًا فى تحسن أداء المنتخب الوطنى مع بعض الثقة واكتساب «فورمة» المباريات التى تغيب عنها.
كما يجب التركيز كثيرًا على إرسال عدد كبير من الكرات العرضية واستغلال الكرات الثابتة، خاصة بعدما بدا التمركز الدفاعى داخل المنطقة هو إحدى أبرز نقاط ضعف الفريق الكونغولى، الذى استقبل هدفين فى الافتتاح أمام أوغندا بنفس الطريقة، بسبب سذاجة التمركز والسرحان فى عملية الرقابة.
ونستطيع القول إنه إذا كثف أحمد المحمدى وأيمن أشرف من إرسال الكرات العرضية فإننا نستطيع التسجيل من خلال مروان محسن أو الجناح العكسى أو حتى أحد الصاعدين من الوسط.
نقطة القوة الأخرى التى يمكن التركيز عليها هى ذكاء مروان محسن فى الحصول على كرات ثابتة حول منطقة الجزاء، فرغم القامات الطويلة عند لاعبى الخصم إلا أن ذكاء «مروان» ومحمود علاء وأحمد حجازى فى اختيار لحظة الهروب من الرقابة والتمركز فى مكان الكرة والارتقاء السليم سيجعل المنتخب قادرًا على الوصول للشباك بسهولة.
على ضرورة فى أوقات التعثر والدفع بـ«دونجا» فى الثلث الأخير

خلال المباراة الأولى، وقع «أجيرى» فى أخطاء كثيرة، خاصة فى مسألة قراءة المباراة والتغييرات، لذا فإن نوعية التغييرات وتوقيتها والعناصر التى سيستعين بها أمام الكونغو ستكون المحدد الرئيسى لشكل المنتخب ونتيجة اللقاء. وإذا فشل الفراعنة فى التهديف فى الشوط الأول واستمر تعثرهم إلى الشوط الثانى، فإن «أجيرى» سيكون مطالبًا بتغييرات مختلفة تمامًا عما حدث فى مباراة الافتتاح. مباراة الليلة قد يكون بها دور بارز لأحمد على، لأن الكونغو- كما ذكرنا- ضعيف فى الكرات العرضية، ما يعنى أن الدفع به سيمثل نقطة قوة فى ظل إجادته الكرات الهوائية.
وهنا سيكون دخول «على» مع «مروان» أفضل كثيرًا من أن يكون على حسابه، لكون ذلك سيحقق الكثافة العددية فى الخط الأمامى، ما يعنى أنه يمكن للفراعنة ضرب خطوط الكونغو دون إرهاق أنفسهم فى التمرير الكثير والتدوير المبالغ فيه، فى الوقت الذى سيكون فيه الوصول إلى منطقة الخصم عبر الكرات العرضية أفضل وأسهل ويسمح بالتسجيل.
كما ينبغى على «أجيرى» أن ينتبه لأدوار وليد سليمان، فهو لم يعد قادرًا على أن يلعب بمركز الجناح، الذى يتطلب سرعات كبيرة وقدرة على كسب السباق البدنى على الطرف، لذا لن يكون مفيدًا إذا حل محل «صلاح» فى الجهة اليمنى، بل سيكون مفيدًا أكثر إذا استخدم كصانع ألعاب آخر فى عمق الملعب مع عبدالله السعيد فى حال التأخر فى التسجيل، أو على حسابه إذا كان المنتخب قد تقدم بالفعل وأصبح المطلوب هو تنشيط الوسط بدخوله. كما سيكون لـ«دونجا» دور فى الثلث الأخير من مباراة الليلة، خاصة إذا نجح الفراعنة فى التقدم بهدف، وسيكون دوره أهم من مثيله فى المباراة الأولى، لأننا سنكون هنا أمام خصم مختلف يحتاج لكثافة عددية فى الخلف وقدرات دفاعية أكبر.
أما إذا أراد «أجيرى» تنشيط الأطراف هجوميًا فسيكون عمرو وردة هو الاختيار الأمثل بين لاعبى الدكة، نظرًا لسرعاته وقدرته على التحول إلى مهاجم ثان فى قلب منطقة جزاء الخصم.
الارتداد السريع من لاعبى الخط الأمامى.. واللعب لإيقاف «الثلاثى الخطير»
إذا كانت السطور الماضية قد تناولت ما يمكن فعله على الجانب الهجومى، فإن الجانب الدفاعى يحتاج أيضًا إلى تسليط الضوء حول الكيفية التى يمكن بها التعامل مع هجوم الخصم.
فأول أمر نحتاجه أمام الكونغو هو الارتداد السريع من لاعبى الخط الأمامى لمضايقة الجناحين الرائعين بولاسى وموبوكى، لاعبى أندرلخت وستاندرليج البلجيكيين وإيقاف كليهما يحتاج أولا إلى عودة «تريزيجيه» فى الجهة اليسرى للتعاون مع أيمن أشرف وعبدالله السعيد وعودة أحد لاعبى الارتكاز إلى الجهة اليمنى لمساندة أحمد المحمدى. ويجب أن ينتبه «أجيرى» كثيرًا لمسألة ترك «المحمدى» منفردًا، بعدما برزت المساحات فى هذا الجانب خلال المباراة الأولى، نظرا لغياب أى مساندة لعدم عودة «صلاح» للدفاع، كما أن «السعيد» لم يكن مكلفًا بالدفاع نيابة عنه على الأطراف، وبالإضافة إلى ذلك فإن أيًا من لاعبى الارتكاز «الننى» أو «حامد» لم يركزا على الذهاب إليه سريعًا كلما وقع تحت الضغط.
وهنا سيكون «أجيرى» مطالبًا بإدارة نقطة الضعف هذه، لأن العقاب -إن لم يفعل- سيكون قاسيًا من خصم أفضل كثيرًا من زيمبابوى.
كما يحتاج المنتخب لإيقاف جناحى الكونغو الرائعين إلى يقظة دائمة من أيمن أشرف وأحمد المحمدى، لأن «بولاسى» و«موبوكى» جناحان يعشقان دخول منطقة الجزاء والتحول إلى مهاجمين صريحين، وفى أوقات كثيرة تجدهما معًا وكأنهما رأسا حربة صريحان.
وهنا ستكون التغطية العكسية لـ«أشرف» مع «المحمدى» مهمة ثقيلة تتطلب عدم السرحان ولو للحظة حيث سيكون التركيز كبيرا للغاية عند الخصم الذى يتحفز للتسجيل والفوز من أجل الاستمرار فى البطولة.
وسيكون «أجيرى» أيضا مطالبا فى مباراة الغد بالحذر من العودة إلى الوراء والمبالغة فى التراجع مثلما حدث فى الفصل الأخير من المباراة الماضية، لأن قدرة الكونغو هجوميًا أعلى بكثير من زيمبابوى وجماعية الأداء أفضل أيضًا والمهارات الفردية كذلك، لذا فإن سنحت الفرصة للخصم ووجد أمامه المساحة والقدرة على الاستحواذ فإن العقاب سيكون قاسيًا للغاية.
بالإضافة إلى ذلك، يتسم المنتخب الكونغولى بوجود مهاجم قوى للغاية هو «باكامبو»، الذكى فى تحركاته والقوى فى احتكاكه البدنى، ما يجعله يمثل عبئًا كبيرًا على «حجازى» الذى سيخوض أول اختبار له بالواقى الجديد، فى الوقت الذى سيزيد فيه العبء على زميله محمود علاء، خاصة أن «أجيرى» يلجأ عادة إلى تكليفه بالرقابة اللصيقة للمهاجم، على أن يركز «حجازى» فى التغطية خلفه.
المنافس يراهن أيضًا على «مبيمبا»، نجم وسط بورتو البرتغالى، الذى يُحب التقدم للأمام بشكل متكرر فيحقق بذلك الزيادة العددية لفريقه فى الثلث الأخير من الملعب، كما أنه يُجيد التصرف فى المواقف المختلفة بفعل مهاراته وقوته.
ورغم أن المنتخب الكونغولى يعانى من الكرات العرضية فى منطقة جزائه بسبب الاستعجال والسرحان والسذاجة، إلا أنه يتسم بخطورة عرضياته فى الهجوم بسبب الكثافة التى تتحقق بتحول الجناحين إلى الهجوم مع وجود المهاجم الصريح وصعود لاعب من الوسط. فكثيرًا ما تتواجد كثافة كبيرة من لاعبى الفريق حال امتلاك الكرة فى المنطقة الأمامية من أجل استقبال العرضيات، لذا ستكون أبرز مهام «أجيرى»: كيف يحرم الكونغو من الحصول على الكرة، وكيف يتجنب المصير الذى أنقذنا منه ضعف مستوى الخصم فى مباراة الافتتاح؟.