رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

حصاد الكان3 .. عن تطور الهجوم وبغداد بونجاح

بغداد بونجاح
بغداد بونجاح

شارفت بطولة كأس الأمم الإفريقية في نسختها الـ32 على الانتهاء، والتي ستختتم غدًا بإقامة المباراة النهائية بين منتخبي السنغال والجزائر.


وشهدت البطولة العديد من الظواهر والتي يرصدها «الكابتن» في سلسلة تقارير حصاد بطولة كأس الأمم الإفريقية، ويتحدث في حلقتها الثالثة عن ظاهرة بغداد بونجاح والمهاجم في البطولة.


بطولة كأس الأمم الإفريقية في نسختها الحالية شهدت ضعف على الجانب الهجومي للمنتخبات، وكذلك عدد الأهداف المسجلة في البطولة، كما لم تشهد مثل سابقاتها صراع ضروس على لقب الهداف.

هل انقرضت فكرة مهاجم الصندوق؟

أروقة المدربين والتكتيك في السنوات الماضية شهدت تطورًا ملحوظًا على الجانب الهجومي، وبتطور تكتيك الكرة بدأت فكرة المهاجم الصريح في الابتعاد عن الساحة.

قبل الحديث في التفاصيل، دعونا نعرف مهاجم الصندوق، كرة القدم التقليدية كانت تضع كل لاعب في مكانه على اللوحة الخاصة بالمدرب، أي أن المهاجم كانت تقتصر أدواره فقط على إنهاء الهجمات التي يوصلها له زملائه، ولاعبي الأجنحة والأظهرة عليهم إرسال الكرات العرضية ليستقبلها المهاجم، أي أن المهاجم لم يكن له أي دور سوى تسجيل الأهداف فقط.

ولكن في الكرة الحديثة ظهرت فكرة المهاجم الوهمي، والتي اعتمد عليها بيب جوارديولا على سبيل المثال مع الأرجنتيني ليونيل ميسي بوضعه كمهاجم وهمي في منطقة الجزاء وأثناء تملك الكرة يهبط إلى وسط الملعب قليلًا فيسحب معه أحد المدافعين لتتولد على إثر ذلك التحرك المساحة داخل المنطقة لينهي زملائه الهجمات.

كما وضعت بعض الأدوار الإضافية للمهاجمين في السنوات الأخيرة، وهي تقديمه الدعم الدفاعي والعودة بجانب لاعبي وسط الملعب والخروج على الجانبين لدعم الأظهرة كأول خطوط الفريق الدفاعية.

أيضًا ظهرت فكرة المهاجم الـ"فيرمينو" نسبة إلى روبرتو فيرمينو، مهاجم ليفربول الانجليزي، الذي هو في حقيقة الأمر يلعب كصانع ألعاب بشكل أكبر منه كمهاجم، وبطريقة أقرب للمهاجم الوهمي فيساهم فيرمينو في صناعة اللعب، والتحرك بين خطوط المنافس، وأيضًا تقديم الدعم الدفاعي لزملائه، ربما تتفاجأ إذا علمت أن فيرمينو في موسم 2017-2018 كان هو أكثر لاعبي الريدز قطعًا للكرات من الخصوم، وليس أحد لاعبي الدفاع.


إذًا مانخلص له هو أن فكرة المهاجم في كرة القدم تغيرت عما كانت عليه، ولم يعد الأمر يقتصر على مجرد وجود لاعب داخل الصندوق يرتدي قميص رقم 9 ويسجل الأهداف فقط، بل أصبحت الكرة أكثر شمولًا واعتمادًا على اللعب ككتلة واحدة، وجزء منها المهاجم الذي هو أول خطوط الفريق الدفاعية.

بغداد بونجاح.. حدثهم عن المهاجم المتطور لعلهم يعقلون!

أمم إفريقيا في نسخها السابقة كانت تشهد دومًا تألق أحد اللاعبين وتسجيله على الأقل هدف في كل مباراة حتى تتويج فريقه باللقب ليصل إلى 6 أو 7 أهداف في البطولة بأكملها، وفي نسخة 1974 سجل نداي مولامبا، مهاجم  زائير 9 أهداف في نسخة واحدة من البطولة، ولكن كرة القدم أصبحت أكثر صعوبة هذه الأيام.

تألق الجزائري بغداد بونجاح، مهاجم منتخب الجزائر في بطولة أمم إفريقيا الحالية، والتي دخلها متحفزًا بعد تقديمه موسم تاريخي رفقة السد القطري، سجل فيه 39 هدفًا في 22 مباراة فقط بالدوري.

في خطة جمال بلماضي، المدير الفني للجزائر، يلعب بونجاح كمهاجم صريح أمام 4 لاعبي وسط هجومي وخلفهم لاعب وسط دفاعي بطريقة هجومية صريحة، ولكن بغداد لايهاجم فقط.

أثناء افتقاد المنتخب الجزائري للكرة يعود بونجاح لوسط الملعب من أجل تقديم الدعم الدفاعي لوسط الملعب، كما يخرج على جانبي الملعب والضغط على ظهيري الخصم لحرمانهم من بناء الهجمات، خاصة أن خطة «4-1-4-1» تعتمد بشكل أساسي على الضغط على الخصوم، وهو ماتشير له أرقام بونجاح إذ أنه أبعد كراتعن مرماه بمعدل 1.7 كرة لكل مباراة، ويتدخل على الكرة بمعدل 0.7 كرة في كل مباراة.

أما أثناء امتلاك فريقه للكرة فيقوم بغداد بونجاح بالتحرك على خط المستطيل الخاص بمنطقة الجزاء  متنقلًا بين جانبيه والمساحة أمامه من أجل منح زملائه زوايا تمرير مميزة أو الحصول على الكرة ومحاولة إحداث الخطورة، كما يسحب أحد المدافعين خلفه ليفرغ مساحة للجناح المنطلق من الجانب، سواء يوسف البلايلي، أو رياض محرز.

بغداد بونجاح سدد 3 كرات على المرمى في 6 مباريات لعبها مع المنتخب الجزائري، وسجل هدف وحيد من ركلة جزاء وصنع آخر، وأهدر ركلة جزاء أمام منتخب كوت ديفوار.

بغداد بونجاح هو مثال لما تقدمه كرة القدم المتطورة في فكرة المهاجم الصريح، ومايقدمه من أدوار إضافية ربما تغطي على قلة أهدافه، لأنه يساعد منظومة الفريق ككل.

منظومة منتخب الجزائر اعتمدت بشكل أكبر على انطلاقات الأجنحة في المساحات التي يخلقها لهم بونجاح، بتحركاته داخل منطقة الجزاء وعلى حدودها، والدليل على ذلك على أن هدافي المنتخب هما آدم وناس، ورياض محرز بثلاثة أهداف لكل منهما.

رغم ذلك يمتلك بونجاح أرقام هجومية مميزة على صعيد التسجيل وصناعة الأهداف، إذ أنه سجل 141 هدفًا في 177 مباراة لعبها في مسيرته الاحترافية مع الأندية، وصنع 46 هدفًا.


معضلة مروان محسن أم محمد صلاح


على جانب آخر من كرة القدم، اعتمد المنتخب الوطني المصري على طريقة لعب «4-2-3-1» تقليدية بوضع مروان محسن في مركز المهاجم، ثم لسبب لايعلمه سوى الله، أصبح مروان محسن بلاوجود داخل الملعب، حتى أن البعض سخروا منه بأنه يشاهد المباراة مثلهم.

لم يكن مروان محسن هو الأزمة الكبرى في طريقة لعب الأهلي، نعم كان جزءًا منها بضعف أدائه على الجانب الهجومي، ولكن أيضًا كانت أدواره غامضة من مدرب المنتخب المكسيكي خافير أجيري، والذي كان يعتمد بشكل رئيسي على الاختراقات من جانبي الملعب وبكل وضوح محمد صلاح وتريزيجيه هما من سيسجلان.

قبل أن تظلمه الأرقام رغم مستواه المتواضع ولكن خطة لعب المنتخب المصري لم تكن خادمة لمروان ولم يستفد منها بأي شيء تقريبًا، إذ أن الفراعنة لم يعتمدوا على الكرات العرضية أو حتى منحه الفرص للتسجيل، فمثلًا قد يصدمك أن تعرف أن مهاجم مصر لم يسدد سوى كرة واحدة فقط على المرمى في 4 مباريات.

مروان محسن لعب 3 مباريات بشكل أساسي مع المنتخب الوطني في أمم إفريقيا، ومباراة واحدة شارك فيها احتياطيًا، لم يقدم أي أداء يذكر على الجانبين الهجومي والدفاعي.

من بين الخمسة أهداف التي سجلها المنتخب المنتخب الوطني في أمم إفريقيا سجل الظهير الأيمن أحمد المحمدي هدفين، ومحمد صلاح هدفين، ومحمود حسن تريزيجيه هدف.

أوديون إيجالو.. أن تجمع بين التطور والأهداف

أوديون إيجالو، مهاجم المنتخب النيجيري كان أحد اللاعبين الممثلين لتطور مركز المهاجم.

المنتخب النيجيري اعتمد على خطة «4-2-3-1» بوجود أوديون إيجالو أمام ثلاثية أليكس أيوبي، وتشيكويزي، وأحمد موسى، ثلاثي الوسط الهجومي.

أثناء افتقاد نيجيريا للكرة يقوم إيجالو بأدوار  لاعب الوسط بالعودة إلى منتصف الملعب، ومنح فريقه الزيادة العددية في الحالة الدفاعية.

كما يلعب إيجالو كجناح في حالة الاستحواذ على الكرة ويمنح زملائه العديد من خيارات التمرير وكذلك امتلاكه الكرة ومنح رفاقه الفرصة في الدخول إلى منطقة الجزاء.

تحركات إيجالو استطاعت إرباك دفاعات الخصوم، ومنح رفاقه كل الحرية للدخول في منطقة الجزاء لينشغل الدفاع بهم، ثم يدخل هو وينهي الهجمات وهو ماقاده لتسجيل 5 أهداف يتصدر بها ترتيب هدافي البطولة حتى الآن، ليصبح هو الوحيد في البطولة الذي جمع بين الأدوار المتطورة والتقليدية للمهاجم في أمم إفريقيا.