رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

ديبالا العرب لماذا يتفوق أشرف بن شرقى على لاعبى الدورى المصرى؟

أشرف بن شرقى
أشرف بن شرقى



عندما أعلن نادى الزمالك عن التعاقد مع أشرف بن شرقى قادمًا من الهلال السعودى، لم يتعامل الجمهور الزملكاوى مع الصفقة كونها الصفقة السوبر، وسخر منها الخصوم الذين اعتبروه لاعبًا لا يملك أى جديد، فقد استهلك رصيده عندما كان لاعبًا فى الوداد المغربى، ولم يشكل الإضافة مع الفريق السعودى الذى انتقل إليه بعد تألقه الكبير مع الوداد.
كان الجميع يأملون فى جلب الزمالك صفقة قوية على مستوى مركز الجناح تعوض رحيل نجم الفريق الأول بالموسم الماضى محمود عبدالمنعم كهربا، ورغم نجومية «بن شرقى» التى تعرفنا عليها من خلال تألقه فى دورى الأبطال أمام الأهلى قبل عامين، لكن التجربة غير الموفقة مع بطل السعودية جعلت الشكوك تحاصره.
لم ينتظر «بن شرقى» طويلًا، وكان حضوره القوى مبكرًا للغاية، فقدم نفسه بشكل رائع خلال المباريات القليلة التى خاضها مع الفريق ونجح فى أن يكون أفضل لاعبى الزمالك وأكثرهم تميزًا حتى الآن، وهو ما جعل الجميع يعيد النظر فى تقييمه، ويضعونه فى مقدمة اللاعبين المتوقع تألقهم وانفجارهم هذا الموسم، ليصبح من أقوى المنافسين على لقب الأفضل فى الدورى المصرى.
يمتلك «بن شرقى» العديد من المقومات التى تجعله قادرًا على كتابة تاريخ عظيم، وفتح صفحات الزمالك لتسطير اسمه بين أبرز من مروا على النادى، وبدا أكثر ما يدعم اللاعب ويؤهله لذلك إصراره الكبير على التألق الذى أبداه منذ ظهوره الأول مع الفارس الأبيض.
فى البداية كانت مباراة ديكاداها بطل الصومال فى دورى أبطال إفريقيا، وخلاف عديد من اللاعبين خاض «بن شرقى» المواجهة المتواضعة بإصرار كبير، وكأنه يخوض نهائى دورى أبطال إفريقيا أمام الترجى أو الأهلى، لم نشعر من تحركاته وتعامله مع الكرة والتزامه بأنه يواجه فريقًا متواضعًا خسر بـ١٣ هدفًا، فكان ساعيًا منذ البداية لتقديم نفسه كنجم كبير لم يأت إلى مصر فى نزهة.
فى مباريات الكأس وبالتحديد فى مواجهة النهائى أمام بيراميدز كان «بن شرقى» الأفضل بين الجميع، ولعب الدور الأبرز فى منح فريقه البطولة، ومعها ارتفع سقف الطموح، وبات الزمالك يتحدث بثقة أكبر، ورغبة فى المنافسة على جميع البطولات.
إذا تحدثنا عما يمكن أن يقدمه «بن شرقى» للزمالك فى هذا الموسم، فلا بد أن نثنى فى البداية على ذكائه كلاعب نادر من الصعب أن يتكرر.
بات «بن شرقى» النموذج المثالى للاعب الذى يجيد التمركز فى الجناح الأيسر، خلال مسيرته مع الوداد وفى المباريات القليلة التى خاضها مع الزمالك، إذا قارنا بما لديه وبما يتوجب على الجناح أن يملكه من سرعة ومهارة وقدرة على التهديف والالتزام الدفاعى.
وغالبًا اللاعب الذى لا يمتلك ميزتين من هذه الميزات الأربع على الأقل لا يصلح للعب فى هذا المركز بالأساس.
فى الدورى المصرى من المستحيل أن تجد لاعبًا يمتلك هذه الميزات الأربع، وحتى فى منتخب مصر إذا استثنينا «صلاح» لن تجد جناحًا يمتلك حتى ثلاثاً منها.
«تريزيجيه»، الجناح الأفضل بعد «صلاح»، يمتلك السرعة والالتزام الدفاعى، لكنه ليس هدافًا مثل «مو»، ولا يجيد الثنائيات فى المساحات الضيقة، فهو ليس بالمهارة الكافية للتعامل فى المواقف الفردية.
كذلك رمضان صبحى، هو لاعب مراوغ مثالى، وربما لديه الكثير من الالتزام، لكنه لا يجيد التهديف وبطىء فى قراراته.
حتى «كهربا»، الجناح الذى يجيد التهديف، يضيع فرصًا كثيرة وسهلة، ولا يلتزم دفاعيًا.
لكن «بن شرقى»، وعلى خلاف لاعبى الجناح فى مصر، سيكون الحديث عنه مغايرًا، فهو الجناح السريع فى القرارات وحتى فى سباق الجرى، وعندما يتحول بفضل ذكائه إلى مركز المهاجم تجده هدافًا من طراز رفيع، لدرجة أنك تتوهم أنه مهاجم ٩ بالأساس.
ومع هاتين الميزتين فهو أيضًا مراوغ جيد ويعرف كيف يتصرف فى المواقف الفردية ويجيد كسب الثنائيات، وعندما تتحدث عن الالتزام الخططى والعودة للقيام بالأدوار الدفاعية فهو أكثر من يلتزم فى الثلث الأمامى للزمالك، وقام بدوره بشكلٍ مثالى فى مباراة بيراميدز على وجه التحديد.
عندما تجتمع كل هذه المواصفات فى لاعب واحد فمؤكد أنك أمام قيمة نادرة لا تجد مثلها كثيرًا، وتجعلك أكثر اطمئنانًا فى الجهة التى يوجد بها، وأينما أردت أن تكون فعالًا ومؤثرًا ادفع به، يمينًا، يسارًا، حتى فى عمق الملعب.
نعم يتميز «بن شرقى» بمرونة كبيرة للغاية تجعله قادرًا على لعب أدوار الجناحين فى كلتا الجهتين، أو صانع لعب فى عمق الملعب بمركز الـ١٠ أو مهاجم صريح، أو حتى فى مركز ٨ فى طريقة لعب ٤/٣/٣ إذا أردته سيؤدى بشكل جيد، والأجمل من كل ذلك أنه يقوم بدوره بنفس الجودة مهما تبدل المركز.
والسر الحقيقى فى تألق «بن شرقى»، هو امتلاكه أساسيات كرة القدم القائمة على فكرة التحرك والتمركز من دون كرة، لذلك تجده يسجل الهدف الثالث فى بيراميدز وهو قادم من الخلف بمركز الـ١٠، ويسجل الهدف الثانى وهو على حدود «الستة ياردة» وكأنه مهاجم صريح، لا يمكنك أن تتوقع أين سيتحرك، لكنه هو من يجيد ويبدع فى توقع المكان المثالى لطلب الكرة.
حتى فى عملية البناء عندما يتسلم لاعب المنتصف «فرجانى» أو طارق حامد الكرة، يعرف «بن شرقى» متى يتواجد على أقصى الخط لفتح الملعب ومنح أحد زملائه فرصة للتسلم بين خطوط المنافس، ومتى يدخل هو بين الخطوط للاستقبال أو فتح خط الجناح للظهير الأيسر الذى يتقدم فى هذه المساحة التى يخليها له.
اللاعب فى كرة القدم يستحوذ على الكرة من ٣ إلى ٥ دقائق فى المباراة من أصل ٩٠ دقيقة وأكثر، لذلك فإن قيمة اللاعب الحقيقية تكمن فى الـ٨٥ دقيقة الأخرى، كيف وأين يتحرك؟ ومتى يطلب ويسلم الكرة؟ ومن هنا تبرز قيمة الأذكياء أمثال «بن شرقى» وتكمن القوة الضاربة لأنديتهم.
وتزداد قوة «بن شرقى» وأسهمه فى دفع الزمالك نحو التألق والمنافسة بقوة على البطولات، حينما تجده مدعومًا بمدرب رائع مثل «ميتشو»، ذكى فى قراءته وخططه، ويعرف عيوب الخصوم ويلعب عليها، ويراهن دائمًا على اللامركزية والتحرر، وهى الفكرة التى تحتاج أمثال «بن شرقى».
كما أن «بن شرقى» محظوظ للغاية لأن الزمالك هذا الموسم يمتلك دكة بدلاء قوية للغاية، ولن يجد نفسه يتحمل كل الضغوط وحده، فعندما تنظر إلى «أوناجم» وإمام عاشور ستجد خير دعم وعون، بخلاف ما كان عليه الفريق الموسم الماضى حيث تحمل «كهربا» وحده كل المهام فى الخط الأمامى.
سيسهم إمام عاشور فى تخفيف الأحمال والأعباء من على «بن شرقى»، وسيزيح شيكابالا بنجوميته ومكانته الكبيرة الضغوط الجماهيرية من على عاتقه ليلعب بأريحية أكبر، لذلك ستكون كل الظروف المحيطة مثالية لأن يقدم «بن شرقى» نفسه كواحد من أفضل المحترفين الذى دخلوا الكرة المصرية فى السنوات الأخيرة.