رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف نساعد محمد صلاح في التتويج بـ" الكرة الذهبية "؟

الكابتن

بحماسة كبيرة وشغف غير مسبوق، يترقب المصريون ليلة 24 سبتمر الجارى؛ تلك الليلة التاريخية التي ستتعلق فيها القلوب، وتتجه الأيادى صوب السماء، وتنطلق ملايين الدعوات:« يارب.. صلاح سيد لاعبى العالم». 

بات الحلم حقيقة، ولا تفصل محمد صلاح، نجم منتخبنا المصري وليفربول الإنجليزي، عن الحلم سوى خطوة واحدة، بعدما جاء بين الثلاثي المرشح لنيل جائزة الأفضل في العالم، مع البرتغالى كريستيانو رونالدو، لاعب يوفنتوس الإيطالى، ولوكا مودريتش، قائد منتخب كرواتيا، ولاعب ريال مدريد الإسبانى.
هل يمتلك الفرعون حظوظًا في التتويج بالجائزة الفردية الأهم؟ وما هي المعايير التي تحكمها؟ وماذا يحتاج منا ليعتلى عرش سماء كرة القدم؟، وماذا قدم الثلاثي في الموسم الماضي .. تساؤلات كثيرة يجيب عنها «الكابتن» في التقرير التالى.

 

صلاح.. معركة وطن

1- معايير التصويت فرصة ذهبية للجبلاية والعرب.. الأرقام الفردية تنتصر للفرعون.. والصعود للمونديال عامل مساعد

 

من البداية، وعلى خلاف النغمة السائدة عن «التواجد المشرف»، نؤكد أن محمد صلاح يمتلك حظوظًا ضخمة وكبيرة في التتويج بهذه الجائزة.
وضع الاتحاد الدولي أربعة معايير تحدد بشكل حاسم من يفوز بهذه الجائزة، وهي العودة للتصويت الجماهيرى بنسبة 25 %، ومثلها لكلً من قائدى ومدربي المنتخبات الوطنية، والصحفيين الرياضيين.

وفق المعيار الأول القائم للتصويت الجماهيرى، فلا أحد يستطيع مجابهة صلاح، لأن قضيته قضية وطن ، وصراعه صراع بلد ، ومعركته معركة شعب، فالمصريين هم الشعب الوحيد الذي لا يمانع في أن يقف في صفوف لا تنهي ساعات طويلة بل وأيام اذا طُلب منهم ذلك في عملية التصويت.

وهو الشعب الوحيد أيضًا الذى يستعد لدفع مقابل مادى من جيبه الخاص اذا كان ذلك ضمن الشروط الخاصة بعملية منح الأصوات، فلك أن تتخيل أن صلاح فاز بفضل الجمهور المصري بلاعب الجولة في احدي جولات دوري الأبطال رغم أنه أهدافه الثلاثة التي سجلها كانت في مباراة قمة التواضع أمام ماريبو السلوفيني، في وقت قاد فيه ليونيل ميسي برشلونة للفوز علي يوفنتوس بطل إيطاليا بثلاثية سجل فيها هدفين وصنع آخر، وأبدع في ليلة شهد عليها الجميع، فقط لأن ثورة حب المصريين لصلاح، ورؤية أنفسهم في نجاحاته، تصنع أشياء جديدة وعجيبة تجعل العالم ينحنى أمامها اليوم، لذلك نقول وبقلب مطمئن إن سلاح التوصيت الجماهير في صالح الفرعون.


أما العامل الثاني والثالث، و المتعلقين بأصوات مدربي المنتخبات وقادتهم، فهنا يبرز بشكل كبير دور الاتحاد المصري لكرة القدم، وعلي رأسه المهندس هاني أبوريدة، الذي لا بد وأن يبذل قصارى جهده، ويتحرك علي نطاق واسع لاستغلال علاقاته علي المستوى الإفريقي والآسيوي.
كانت جائزة الكرة الذهبية مع إنطلاقتها جائزة كروية خالية من الحسابات، تحكمها معايير جمالية الأداء ومتعة اللعب فحسب، ومع تنامى الصراع المدريدي الكتالوني، اتخذت اتجاهًا جديدًا تحكمه معايير تجارية وتسويفية، ولا تخلو منها الحسابات السياسية، ومع بروز ظاهر صلاح وتنامى قيمة الجائزة بسبب الحالة التي خلقها الشغف المصرى، يجب أن يعى أبو ريدة ورفاقه أنه حان الوقت ليقدموا شيئًا لمصر، وليقفوا بجوار صلاح.

يضم الاتحادان الإفريقي والآسيوي قرابة مائة عضو وربما أكثر في هذه المعركة، ومع نفوذ أبوريدة الكبيرة في القارة السمراء، وتحركات نجوم اللعبة، عوضًا عن حراك سياسى مطلوب بشكل كبير، نستطيع أن نحصل علي أقل تقدير علي 80 % من أصوات القارة السمراء، وبفضل جهود أشقائنا العرب في الاتحاد الآسيوى، الذي يحكمه البحريني سلمان بن إبراهيم آل خليفة، نستطيع أن نحقق الرقم ذاته.

نعم صراع صلاح ليس صراع كرة قدم بشكل منفصل عن السياسة، وكرة القدم ذاتها لم تعد مجرد لعبة أو حتى سلعة اقتصادية، وبات الحضور السياسى طاغيًا على كبرى المشاهد التي تصنع أهم القرارت، لذلك فإن صراع صلاح يمثل تحديًا كبيرًا لأبو ريدة ورجاله، وربما للدولة المصرية ذاتها.

فنيًا، وفيما يتعلق بما قدمه صلاح داخل الملعب، فلا يعيب الفرعون أو ينقصه شئ لنيل هذه الجائزة سوى عدم التتويج بأي بطولة محلية، وتقل أهمية تلك النقطة أو هذا العامل في وجود منافسين لم يفزا كلًا منهما منفردًا سوى ببطولة واحدة أيضًا وهى دورى أبطال أوروبا، مع فريق معتاد على هذه البطولة ويضم كوكبة كبيرة من النجوم، بينما نجح صلاح في وضع فريقه ليفربول في المرتبة الثانية بعد غياب سنوات طويلة عن النهائيات على مستوى كل البطولات المحلية والقارية.

كما نجح صلاح في تسجيل 44 هدفًا، وصناعة 18 آخرى متفوقًا على ما قدمه الثنائى. وعلى المستوى الدولى منح الفرعون منتخبنا عودة تاريخية بعد صيام 28 عامًا عن المشاركة في المونديال، ورغم فشل الفريق الوطني في الوصول إلى الدور الثاني بالبطولة إلا أنه تمكن من تسجيل هدفى الفراعنة، وحرمته الإصابة من تحقيق أكثر من ذلك، وفي غيابه قدم المنتخب أسوء أداء.

 

مودريتش.. تكريم الجندي المجهول

2- وصافة المونديال نقطة قوة.. التعاطف العالمي في صالحه.. ونفوذ الريال قد يكرر إنجاز كانافارو

يُعد لوكا مودريتش المنافس الأقوى والأشرس وصاحب الحظوظ الأوفر للفوز بهذه الجائزة لعدة معايير على رأسها تفوقه مع منتخب بلاده الذي لم يكن مرشح للذهاب بعيدًا في المونديال، وفاجأ العالم بحصده الفضية بعد الخسارة أمام فرنسا في نهائي البطولة.

كرواتيا ليس الاسم الكبير في عالم كرة القدم، ووصول منتخبها إلى نهائي المونديال هو بطولة في حد ذاتها، ومقارنة بالبرتغال ومنتخب مصر يجد مودريتش نفسه في مكانة بعيدًا عنهما تمامًا.


ثانى العوامل التي تزيد من فرص مودريتش هي فكرة التعاطف معه، فهو لاعب يلقى قبول جماهيرى علي المستوى العالمى، فإذا كانت كتلة صلاح التصويتية تتركز بشكل أكبر في مصر والمنطقة العربية، فإن شعبية مودريتش وحجم التعاطف الذي يلقاه كونه لاعب وسط يقوم بأدوار مجهولة لا تُسلط عليها الأضواء كبيرة جدًا.

في أوروبا ينحاز  المدربين وقائدى المنتخبات له على حساب رونالدو، لما قدمه من أدوار كبيرة في حصد الفضية لمنتخبه، ودوري أبطال أوروبا مع مدريد، ويزداد الانحياز له لأنه وصل إلى سن الرابعة والثلاثين، ولن يتكرر تواجده فى هذه المكانة مرة آخري، بينما نال رونالدو الجائزة خمسة مرات، ولم يقدم هذا الموسم ما يستحق عليه التتويج.
كما أن تتويج لاعب غير مهاجم بهذه الجائزة أمر لا يحدث إلا كل فترة طويلة، وهذا يجعل قطاعات كبيرة من المصوتين تعتبره أحق بهذه الجائزة.

كما يستمد مودريتش حظوظ أكبر كونه الممثل الأوحد لنادي ريال مدريد الإسباني صاحب النفوذ الرياضى والسياسى الطاغى فى أوروبا، ولا يخلو الحديث مع أي جائزة عن تحركات رئيس النادى بل والحكومة المدريدية لتوجيه الأصوات.

بعد تتويجه بجائزة أفضل لاعب في أوروبا ثار كريستيانو رونالدو ووكيله، وكالا كلاهما الاتهامات لرئيس مدريد، وانتقدت شقيقته علنًا هذا الخيار. يعرف رونالدو أن خروجه من مدريد قلل كثيرًا من حظوظه، وكشف للجميع بأن العاصمة الإسبانية حاضرة بقوة، ونفوذها طاغى في المناسبات الكبيرة، وهو السلاح الذي بات مودريتش مستحوذًا عليه.

كما سينال مودريتش الكتلة الجماهيرية الطاغية لمدريد والمنتشرة في كل بلدان العالم، فالجميع يعرف أن «الملكي» صاحب أكبر جماهيرية، ويكون لجمهوره دورًا كبيرًا في تحديد الجوائز التي تلعب الجماهير دورًا بارزًا فيها.

على المستوى الفردى، سجل هدفين وصنع ثمانية، وبينما يعتقد البعض أن هذه الأرقام ستضعف من فرصه، فإن المصوتين لا يضعون تلك المعايير الرقمية في حساباتهم عندما ينظرون إلى لاعب أدواره أكبر كثيرًا من مجرد التسجيل، فكثير ممن يتخطون الأربعين هدفًا في الموسم يسجلون نصفها من علي خط الستة ياردة، وربما يكون ربعها ضربات جزاء ترجيحية، بينما لا تتخطى نسبة الأهداف القائمة علي الجهد الفردى والمهارة الشخصية سوى الربع الأخير.

لذلك يرى كثيرون بأن تتويج الجنود المجهولة وتكريمهم ضرورة وهذا لم يحدث سوى مرة واحدة مع المدافع الإيطالى كانافارو الذى تفوق علي زيدان، وربما يتكرر مع مودريتش علي حساب رونالدو وصلاح، ففرص وجود أصحاب المهام الدفاعية في تلك المكانة ليست بالكثيرة.

 

 

رونالدو.. المعركة خارج الملعب
3- الإخفاق المونديالي شبح للخسارة.. الصراع مع ميسي سلاح ذو حدين.. والحرب الإعلامية أمله الأخير

على خلاف السنوات الأخيرة، يدخل البرتغالى كريستيانو رونالدو الصراع هذه المرة بفرص أضعف، فهو لم يظهر بشكل جيد سوى في بطولة دوري أبطال أوروبا خاصة في المحطات الأخيرة، وهو الدور ذاته الذي لعبه مودريتش في الوسط والمهام الدفاعية.

أما في المونديال، فكان ظهور فريقه ضعيفًا، ولم يقدم علي المستوى الفردى أدوار كبيرة وتعطل فريقه في الدور الثاني أمام الأوروجواى، بعدما كان البرتغال مرشحًا للذهاب بعيدًا كونه بطلًا لآخر نسخ بطولة الأمم الأوروبية، وفشل صاروخ ماديرا في ما حلم به البرتغاليون وعشاق الدون في كل مكان.

وفي إسبانيا، واصل رونالدو خسارته للسباقات الفردية أمام ليونيل ميسي الذى نال الثلاثية المحلية، وتوج بلقب هداف «الليجا»، ليخسر رهانً آخر أمام الأرجنتيني يضعف من فرصه أمام صلاح المتوج بهداف البريميرليج، ومودريتش صاحب فضية المونديال.

يراهن رونالدو علي أشياء آخرى خارج الملعب، أهمها المعركة الإعلامية التي أطلقها عقب خسارته لجائزة الأفضل في أوروبا، واستند إلى وكيله، ورئيس نادي يوفنتوس، في إطلاق حملة اعتراضات ضخمة، واتهامات لم تتوقف لـ«اليويفا» بمجاملة اللاعب الكرواتي.

يرى رونالدو أن أرقامه الفردية تؤهله للتفوق علي مودريتش، بعدما سجل 44 هدفًا، وصنع ثمانية آخرين، لكن بنفس معاييره فإن أرقام محمد صلاح علي المستوى الفردى أفضل منه، وكذلك ليونيل ميسى، واذا كان الأمر عند رونالدو مرتبط بتحقيق البطولات القارية، فإن هناك لاعبًا فرنسيًا نال ثلاثة بطولات قارية هي الدوري الأوروبي التى حصل علي جائزة أفضل لاعب بها، والسوبر الأوروبي الذى حققه علي حساب فريقه السابق ريال مدريد، وكأس العالم، وكما شاهده الجميع ظل ولا زال جريزمان أهم العناصر الفاعلة مع فريقه المدريدي ومنتخب بلاده.

اذا كان الأمر متعلقًا بالأمور الفنية فرونالدو سيكون أول الخاسرين، بينما عندما نذهب إلى معايير «الفيفا»، فتبقى لرونالدو كتيبة جماهيرية، ودراويش يعشقونه، ويصوتون له حتى لو لم يقدم شيئًا. ورغم أنه خسر بشكل كبير القاعدة الجماهيرية لمدريد لكن جزء كبير منها ما زال يهمه صراع الدون مع ميسى أكثر من صراع مدريد ببرشلونة، وهي الكتلة التي يراهن عليها في العامل الجماهيرى، وربما يمتد لنفوذه لعلاقته القوية بالصحفيين، فهو بارع في التعامل مع الإعلام وفريق عمله الإدارى يُجيد هذه النقطة، بينما سيبقي التحدى الأكبر بالنسبة له هو تصويت قائدى المنتخبات ومدربيهم.