رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

ليفربول والأهلي.. محاولات إصلاح ما أفسده كوتينيو و عبد الله السعيد

فيليب كوتينيو
فيليب كوتينيو

 

قبل أن تبدأ في النقد والمقارنات المعتادة عن اختلاف المستويات والفكر الكروي، أو طريقة اللعب بين الثنائي موضوع الحديث، أو حتى الخوض في شخص كاتب التقرير باعتباره أحد المختلين والعابثين بقواعد وتقاليد كرة القدم، أو  "الهبادين" بلغة مواقع التواصل الاجتماعي.

 

 أنصحك بالتجرد من كل شيء، والنظر  بتعمق للفريقين، نعم ليفربول ينافس على صدارة البريميرليج، والأهلي على بعد خطوة من النهائي الإفريقي، لكن ما رأيك بتنوع الحلول الهجومية، كيف يعاني الريدز مع هبوط مستوى صلاح وفيرمينو ! الأهلي كيف يلعب بلا وليد أزارو في الهجوم أو حتى اختراقات وليد سليمان.

 

 

هي قصة بدأت في يناير الماضي، عندما توصل نادي برشلونة لاتفاق مع ليفربول للتعاقد مع فيليب كوتينيو، وتمت الصفقة، وتلاها في مايو توقيع السعيد للغريم التقليدي "الزمالك" دون علم القلعة الحمراء، أي متابع للفريقين يعلم قيمة كلا اللاعبين في فريقه،  إذن نحن على مشارف أزمتين لصاحبي الرداء الأحمر.

 

هناك في ألمانيا لايبزيج يتشبث بنجمه الغيني نابي كيتا، وفي الجزيرة بالقاهرة صالح جمعة، الوريث الشرعي للسعيد، يرفض النضح ويستمر في أفعاله الصبيانية ليخرج معارًا من الفريق.

 

 

في الموسم الذي سبق رحيل كوتينيو، سجل ليفربول 80 هدفًا، وصنع لاعبوه 513 فرصة لتسجيل هدف من بينها 63.5% من منطقة الجزاء وأمامها، أما في الموسم الذي لعب 14 مباراة فقط مع الفريق به، قبل أن يرحل فانخفض معدل الفرص إلى  458 فرصة بنسبة 61.9% منها قادمة من وسط الملعب وداخل المنطقة.

 

رحيل كوتينيو لم يؤثر على أرقام الريدز بشكل كبير، فالأهداف انخفضت فقط 3 أهداف ليسجل الفريق 77 هدفًا بدلًا من 80.

 

الأدوار الهجومية للنجم البرازيلي سواء في خلق الفرص، أو  صناعة اللعب، يؤديها بشكل جيد كلًا من روبرتو فيرمينو، وأحيانًا نابي كيتا بعد قدومه مطلع الموسم الحالي.

 

إذن لماذا نحن هنا؟ ليفربول افتقد عنصرًا مهمًا في عملية الاستحواذ على الكرة، في أوقات تأزم المباريات تحتاج دومًا إلى  عقل مدبر، ريجيستا، بالمسمى المعروف في تكتيك الكرة أي هو لاعب يضبط إيقاع الملعب، بالمفهوم البسيط يقف على الكرة، يمنح زملائه بعض الوقت للحركة، والتقاط الأنفاس، التقدم الهجومي، أو تثبيت اللعب إذا لزم الأمر.

 

كوتينيو كان يجيد بشكل كبير  الحركة في المساحة بين الخطوط، والحفاظ على إيقاع اللعب لفريقه، وكذلك اختيار الأوقات المناسبة لاتخاذ القرارات الصحيحة في الملعب سواء بالتمرير الطولي أو العرضي، وكذلك فك الضغط عن طريق مراوغة لاعب أو إثنين  والخروج بالكرة، كل هذا فضلًا عن إطلاقه كرات صاروخية نحو المرمى كأحد الحلول الهجومية للفريق.

 

"أعتقد أنه إذا كانت حالة الفريق جيدة في شهر يناير، يجب على ليفربول البحث عن لاعب وسط ملعب بقدرات هجومية" جيمي كاريجير عقب مباراة مانشستر سيتي أمس.

 

آخر مباراتين للفريق، أمام مانشستر سيتي أمس بالدوري، وضد نابولي في دوري أبطال أوروبا، افتقر الريدز للعمق في وسط الملعب، ونقل الهجمات، فظهر الاعتماد بشكل واضح على الكرات الطولية، والتمرير لصلاح وماني وفيرمينو مباشرة، عكس وجود كوتينيو خلف الثلاثي، إذ كان هو المسئول الأول عن نقل الهجمات، واستلام الكرة من لاعبي وسط الملعب، وخلق الفرص لزملائه في المنتصف الأمامي من الملعب.

 

في مباراة نابولي، أنشيلوتي قرر إغلاق المساحات، وتحمل كل ما يمكن تحمله من انطلاقات صلاح وماني، ومحاولة قتل أي فرصة للتسجيل، ونجح في إغلاق مساحات طرفي الملعب، فافتقد الريدز القوة الهجومية، مثلما حدث أمس أيضًا.

 

على الجانب الآخر، في مختار التتش، أدى السعيد لسنوات دور  الرقم 10، صانع الألعاب ومحرك الفريق.

 

الهجمة لا تمر إلا بعد بصمة السعيد عليها، أدوار دفاعية تؤدى على الشكل المطلوب، خروج بالكرة من تحت الضغط، تمريرات مخترقة للدفاع، تسديد من خارج المنطقة، إذن  هي أدوار مشابهة لما يقوم به النجم البرازيلي في ليفربول.

 

مارس من العام الحالي، السعيد وقع للزمالك، اللاعب مستبعد من المشاركة، الأهلي أنهى موسمه على أتم وجه، ولكن ! حسام البدري يرحل عن تدريب القلعة الحمراء، ويخلفه باتريس كارتيرون، الفرنسي مطالب بتغيير طريقة لعب استمرت سنوات، وإنهاء فكرة صانع الألعاب الصريح.

 

 

بداية الموسم، اعتمد كارتيرون على ناصر ماهر، العائد من الإعارة في مركز صانع الألعاب، ثم وليد سليمان بعد استبعاد الأول.

 

وليد سليمان يجيد اللعب كصانع ألعاب، وقيادة هجمات الفريق من وسط الملعب، وأحيانًا القيام بدور المهاجم وتسجيل الأهداف

 

الأهلي في الجانب الهجومي يؤدي بشكل جيد، يسجل 9 أهداف في 6 مباريات بالدوري، و 15 في دوري أبطال إفريقيا في 9 مباريات، مباراتين فقط خسرهما في الموسم

 

أين الأزمة إذًا بحق الجحيم؟ مشكلة الأهلي في الفترة الحالية، هي تقريبًا نفس المشكلة التي يعاني منها ليفربول، التنوع الهجومي.

 

الأهلي يعتمد بشكل كبير في هجماته على انطلاقات وليد أزارو، سواء بسحب الدفاع وتفريغ مساحة لزملائه القادمين من الخلف، أو استلامه الكرات الطولية، والعرضية من جانبي الملعب.

 

الأهلي يعتمد على فتح الملعب، وانطلاقات الجناحين، أما على جانب التسديدات من خارج المنطقة، فالأمر بات شبه مستبعدًا في  ظل وجود وليد سليمان شبه الدائم في منطقة الجزاء كمهاجم ثانٍ أو على الجناح.

 

في منتصف الملعب، عبد الله كان يشارك بشكل كبير مثله مثل كويتنيو في ضبط إيقاع اللعب لفريقه، والاستحواذ على الكرة.. اختيار القرارات المناسبة سواء بالتمرير أو الهدوء على الكرة.

 

تكتيك الكرة يتطور بشكل مجنون، ليفربول والأهلي يسيران بشكل جيد في بطولاتهما، لكن الأزمات ستتوالى، طرق اللعب المباشرة تثبت يوميًا ضعفها أمام  التكتلات الدفاعية،ورقابة الواحد لواحد.. الحلول الفردية من وسط الملعب هي أهم ما يفتقره الفريقين، ميركاتو الشتاء فرصة جديدة من كرة القدم  لكلوب وكارتيرون لتصحيح الأخطاء،  أو إيجاد تنويعات للحلول الهجومية قبل أن يتأزم الموسم أكثر فأكثر.