رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا يحتاج الأهلى لبقاء لاسارتى؟

الكابتن

ما بين مؤيد لاستمراره ومطالبين برحليه، انقسم جمهور الأهلي حول مصير ومستقبل الأوروجواياني مارتن لاسارتي مع الأهلي بعد التتويج ببطولة الدوري العام.

 

ماذا قدم لاسارتي مع الأهلي، وما هي الصعوبات التي واجهته، وهل هو الاختيار الأنسب للمستقبل أم لا؟.. هذه وغيرها من التساؤلات تُجيب عنها «الدستور» في التقرير التالي:

 

أرقام خرافية محليًا.. وسقوط نيدفيد وفتحي عطلا مشروعه

كانت بدايته رائعة مع الأهلي لم يشوبها سوى السقوط الإفريقي المذل، ومعها تحولت الرؤى من تلك الراضية الداعمة إلى ناقمة ورافضة لوجوده.

 

وما بين هذا وذاك قدم لاسارتي أرقامًا خيالية ورائعة على المستوى المحلي، توازيها أسوأ أرقام قد يصطدم بها الأهلي في مشواره الإفريقي.

في البطولة الإفريقية التي كانت سر انقلاب جمهور الأهلي على المدرب الأوروجواياني لعب الأهلي 7 جولات فاز في ثلاث وخسر مثلها وتعادل مرة وحيدة.

 

أما محليًا لعب لاسارتي قائدًا للأهلي 21 مباراة تعادل في مرتين وخسر واحدة بينما حقق 18 مكسبا بنسبة انتصارات تقترب من 90%، وهو رقم غير طبيعي ولا يحققه سوى مدرب يمتلك فكرا ومقومات رجل ناجح مهما كانت الإخفاقات القارية.

 

واجه لاسارتي منذ يومه الأول تحديات صعبة للغاية، بدءًا بتسلم فريق مترهل يعاني كثيرا من جوانب القصور، وشهد تراجعًا لم يعيشه الأهلي منذ سنوات طوال.

 

تحمل لاسارتي ضريبة التغييرـ وجاء في وقت يريد الفريق استبدال جلده بوصول رمضان صبحي، وحسين الشحات، وحمدي فتحي، ومحمد محمود، وجيرالدو، وياسر إبراهيم.

 

لم تكن تلك هي المعضلة الوحيدة والصعبة التي واجهها المدرب، بل حمل على عاتقه تغيير طريقة اللعب التي اعتمد عليها الأهلي على مدار 8 سنوات ماضية لم يتخل عنها أي مدرب، ولم يدخل فيها أي تعديلات داخلية على الأقل.

 

ولما نجح أخيرًا في الاستعانة بطريقة لعب أقرب إلى 4/1/4/1 بعد ولاية الـ4/2/3/1 التي نعيشها منذ سنوات طويلة، وبرع في توظيف لاعبي الوسط كريم نيدفيد، وحمدي فتحي، وعمرو السولية، في أدوار هجومية جعلتهم هدافين وصانعي فرص من طراز رفيع، جاءت الكارثة بإصابة نيدفيد في أسوأ توقيت ولحق به حمدي فتحي.

 

لم يكن لاسارتي محظوظًا بخسارة الأوراق المرنة التي تتحكم في شكل الفريق وتحقق المعادلة التي تأتي بالتوازن بين الحالة الدفاعية والهجومية.

 

مضطرًا وجد لاسارتي نفسه يعود إلى الطريقة العقيمة 4/2/3/1 حيث الارتكاز النمطي حسام عاشور، ولاعبي الوسط الموظفين الذين لا يُجيدون التقدم ودخول مناطق الخصم أو التسجيل مثلما كان يفعل نيدفيد وحمدي فتحي في انطلاقتهما الرائعة.

 

لا يمكن بأي شكل أن نستهين بخسارة عنصرين هما بمثابة العمود الرئيسي للاستراتيجية التي قرر الرجل الاستعانة بها للتحرر من الشكل القديم، خاصة أنه كان في مرحلة تغيير وتبديل عناصر وطريقة في نفس الوقت الذي يتنافس فيه في بطولات متعددة.

 

قادر على الابتكار والتطوير.. وتأقلم الصفقات الجديدة تساعده على الانفجار 2020

مع هذه المشكلات كان تأقلم رمضان صبحي، وحسين الشحات، واحدة من التحديات الكبيرة التي لم تساعد لاسارتي على تحقيق أهدافه، خاصة أن الأخير عانى ضغوطًا جماهيرية وإعلامية لا يستطيع أي لاعب الوقوف أمامها بسبب مطالبته بتعويض المقابل المادي الكبير الذي دٌفع فيه نظير انتقاله إلى الأحمر.

 

عندما يكون الجناحان الهجوميان لفريقك لا زالا قد وصلا قبل أسابيع قليلة، وأنت تخوض منافسات شرسة قاريًا ومحليًا، وتواجه خصمين يتفوقا عليك في جدول الترتيب وينعمان بالاستقرار الفني والإداري مثلما كان الحال في الزمالك وبيراميدز، فمؤكد أنك رجل غير محظوظ.

 

احتاج الشحات وصبحي لوقت كي يدخلا في الأجواء، وأن يتأقلما علي مجاورة رفاقهما وتعلم أفكار مدربهما، حتى جاء تألقهما الكبير في الأمتار الأخيرة من الموسم، ذلك من المتوقع أنه بمزيد من الثقة والتخلص من الضغوط سينفجرا معًا في الموسم المقبل، وسيساعدان المدرب بشكل كبير علي تحقيق أهدافه.

 

لكن وبعيدًا عن الأرقام والمعطيات التي حاوطت مشوار لاسارتي لكنه أظهر أنه مدرب مبتكر يحب المغامرة ويميل إلى اكتشاف المساحات، ولم تساعده ظروف الإصابات وضيق الوقت وقوة المنافسة علي الوصول إلى الصيغ التي سعى إليها بعد.

 

لاسارتي بين المدربين الذين يؤمنون باللامركزية، ويركز علي تبادل الأدوار بين اللاعبين، فجعل رمضان والشحات ومعهما ناصر ماهر في إحدى الفترات ثلاثية مربكة لأي خصم لا تفهم من بينهم يلعب علي الطرف ومن في العمق بسبب تبادل الأدوار بينهما.

 

أيضًا برع في توظيف كريم نيدفيد كورقة تترك الارتكاز وتتحول إلى صناعة اللعب بجوار اللاعب مركز 0 ، وفي أحيان أخرى دفعه لتحرير رمضان من الخط والتحرك على الجهة اليمني.

 

كذلك كان رائعًا في توظيف الشحات داخل الملعب بالقرب من رأس الحربة وفتح الطريق أمام علي معلول في بعض المباريات خاصة مباراة سيمبا التي انتهت بخماسية نظيفة.

 

كانت مرحلة مليئة بالأفكار، كنا أمام فريق مرن، بعيدًا عن الكتلة الجامدة، والأدوار الوظيفية، ربما عطلته الإصابات، وعوقته مرحلة استكشاف الكرة في إفريقيا والتي يجهلها تمامًا، لكن هذا لا يسلبه حقه في كونه مدربا ثائرا ذا أفكار رائعة.

 

بعدما استكشف لاسارتي الكرة في إفريقيا واكتسب خبرة المواجهات مع أنديتها، بات بمقدوره الوصول إلى الكيفية التي يتعامل بها في أبطال إفريقيا، كما أن استمراريته مع اللاعبين جعلته يكتشفهم أكثر ويقف علي جوانب الضعف ونقاط القوة.

 

وباستعادة المصابين، وإبرام بعد الصفقات في الأماكن التي بها العجز سيصبح الأهلي أقوى وأشرس، وسيكون بمقدور لاسارتي مواصلة التطوير .

 

أيضًا من العوامل التي ستدفع الأهلي لبقائه هي خلو الساحة من المدرب القادر علي تقديم الأفضل، خاصة أن من سيأتي سيحتاج وقت أيضًا للتجريب، ومحليًا يُحال أن يقدم أي مدرب آخر تلك الأرقام الإعجازية التي قدمها لاسارتي، فلماذا لا يحصل على فرصة جديدة لمعالجة مشاكله التي ظهرت في إفريقيا؟.